تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مقال: الإساءات الدانماركية وإساءاتنا]

ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[05 Mar 2008, 08:16 م]ـ

الإساءات الدانماركية وإساءاتنا

نبيل شبيب

المصدر: الجزيرة نت ( http://www.aljazeera.net/NR/exeres/494D3881-CF5D-4831-9F0B-CD59B75881C6.htm)

ما الرد الواجب والمناسب على الإساءات الكاريكاتيرية الدانماركية؟ هل هو تكرار ما كان قبل ثلاث سنوات؟ هل هو التجاهل كما تدعو بعض الجهات؟ هل هو المقاطعة الاقتصادية كما بادر إليها السودان والدعوات الشعبية عبر شبكة العنكبوت؟

تضييع الفرص

قبل محاولة الإجابة ينبغي طرح السؤال الضروري من أجل إجابة صحيحة: أين نضع هذه الإساءات على صعيد العلاقات بين العالمين الغربي والإسلامي؟

هل هي صادرة عن منطلقات عدوانية مطلقة لتأخذ مكانها بين الحروب العدوانية والهيمنة الاستغلالية وجهود الغرب لحرمان المنطقة الإسلامية من أسباب القوة وأسباب التطور معا؟

هل هي صادرة عن الجهل بالإسلام نفسه وبخاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم وعن الكم الكبير المتوارث من تشويه صورة الإسلام والمسلمين لدى الفرد الغربي؟

هل هي تعبير شاذ عن انحراف كبير في تكوين الإنسان الغربي نفسه وما يفهمه تحت عنوان حرية التعبير؟

هل هي صور من صور صراع حضاري بين المدنية الغربية وهي في طور اضطراب كبير بعد انهيار القيم، وبين بذور نهضة حضارية إسلامية توشك أن تؤتي ثمارها آجلا أو عاجلا؟

قد يكون الأمر خليطا من ذلك كله، ولكن ينبغي طرح سؤال آخر يساعد على الإجابة أيضا: هل هذه الإساءات الكاريكاتيرية إساءات تمثل من صدرت عنهم من الأفراد ووسائل الإعلام ومن وجدت لديه التأييد إلى درجة التقليد، أم هي إساءات بلد هو الدانمارك ومجموعة بلدان تكوّن العالم الغربي؟ وهل هي موضع التأييد العام شعبيا على مستوى الدانمارك وعلى المستوى الغربي عموما؟

التعميم المنتشر في الإجابة على هذا السؤال بالذات، يؤكد أن جهلنا بواقعهم يقابل جهلهم بنا، ويؤكد أننا ننزلق عبر أسلوب التعميم إلى مثل ما نتهمهم به من تعميم مظاهر شاذة وممارسات شاذة على المسلمين عموما، ونسبتها إلى إسلامهم تخصيصا.

لقد كان لدى المسلمين عموما، ولدى النخب الإسلامية تخصيصا، ولدى الحكومات القائمة في البلدان الإسلامية من حيث المسؤولية عن صناعة القرار، فترة زمنية امتدت ثلاث سنوات على الأقل من أجل التوصل إلى إجابات دقيقة قائمة على دراسة منهجية لهذه الأسئلة وأمثالها، ولم نصنع ذلك على أي مستوى من المستويات، إنما اعتمدنا على:

1 - كتابات إعلامية -كهذا المقال- قد تقترب من الإجابات، ولكن يظهر لنا بوضوح مدى تعدد الإجابات الإعلامية دون الحسم بينها، وفق تعدد منظور أصحاب القلم، وحجم المعلومات المتوافرة لديهم.

2 - وعلى مواقف ونداءات حماسية -كالدعوات الصادرة عن اتحاد العلماء المسلمين وجهات مستقلة أخرى- وهذه تواكب حركة الجماهير وقد تثيرها، ولكن سيبقى السؤال قائما: إلى أين؟ .. ناهيك عن الكيفية.

3 - وعلى مواقف سياسية رسمية وقتية أقرب إلى ردود الفعل منها إلى سياسات مدروسة قابلة للتطبيق خلال فترة زمنية كافية كالموقف السعودي إبان الإساءة الكاريكاتيرية الأولى والسوداني إبان تكرارها الآن على نطاق أوسع إعلاميا.

ولا يحقق أي موقف سياسي مفعوله ما لم يرتبط بتنسيق وتكامل مع سواه من أصحاب العلاقة في المواقع السياسية المختلفة على امتداد العالم الإسلامي، وما لم يقترن بإجراءات جادة عملية مشتركة، تأخذ أشكالها المتعددة وتصل إلى مداها مع قابلية تصعيدها على حسب الحاجة، وهي الحاجة التي لا تظهر دون إجابة ما سبق من أسئلة.

جميع ذلك بكل صراحة ووضوح، يمثل مع بعضه بعضا إساءة كبرى لأنفسنا، فمن لا ينظر ويتدبر، ويدرس ويخطط، وينسق وينظم، ويقوّم ويطور، يستحيل أن يعطي جوابا فعالا مؤثرا على أي حدث من الأحداث، بما في ذلك الإساءات الغربية المتكررة في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ.

واقعنا يستحق الاستهانة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير