[الدراسات الاستشراقية للقرآن الكريم لفضيلة د عباس أرحيلة]
ـ[جعفر المراكشي]ــــــــ[21 Mar 2008, 07:56 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا بحث قيم لفضيلة الأستاذ الأديب عباس أرحيلة حفظه الله تعالى.
ـ[أبو يعقوب]ــــــــ[22 Mar 2008, 01:20 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[23 Mar 2008, 12:18 م]ـ
الدراسات الاستشراقية للقرآن الكريم
من جهود الدراسات الاستشراقية للنص القرآني
(مدرسة نولدكه)
فضيلة الدكتور: عباس أرحيلة – حفظه الله-
تمهيد:
لفظ الاستشراق له إطلاقان: الأول يُراد به البحث في تراث الشرق عامة، والثاني يُطلق على البحث في تراث الإسلام بشكل خاص. وعادة ما يراد بالاستشراق الدراسات الغربية المتعلقة بالشرق الإسلامي. والاستشراق ظاهرة ارتبطت بالعلاقات التاريخية الحضارية بين الشرق والغرب منذ كان الصدام بينهما إثر الفتوحات الإسلامية. فحينما انتشر الإسلام بسرعة أحس العالم المسيحي بالخطر، وحين فشلت الحروب الصليبية؛ ازداد الخوف من التيار الإسلامي؛ فبدأ التفكير في وقف ذلك التيار، والشروع في محاولات تشويه الإسلام والتشكيك فيه بتقديم صورة كريهة عنه، والبدء في عمليات التنصير. ومن هنا ارتبط الاستشراق في بداية تكوُّنه بالكنيسة، وبالحركة الصليبية عموماً، واعتبر المستشرقون الأوائل عملَهم نوعاً من الكفاح ضداً على العروبة والإسلام، وأصبح المراد بالاستشراق محاربة الإسلام.
وأكد المستشرق الألماني رودي باريت ( Rudi Paret 1901 - 1982) أن الهدف الرئيس من جهود المستشرقين في القرن الثاني عشر الميلادي وفي القرون التالية هو التنصير، وعرَّفه بأنه إقناع المسلمين بلغتهم ببطلان الإسلام، واجتذابهم إلى النصرانية (1).
ومنذ سنة 1412م أخذت حركة الاستشراق طابعها الرسمي بصدور قرار مجمع فيينا الكنسي القاضي بإنشاء كراسي للغة العربية في عدد من الجامعات الأوربية.
وبحلول العصور الحديثة اصطرعت في الدراسات الاستشراقية العوامل الدينية القائمة على التنصير والتبشير بالعوامل الاقتصادية الاستعمارية، واصطَبغ ذلك كله بالمظاهر السياسية المتأثرة بالبحوث العلمية. وهكذا امتدت ظاهرة الاستشراق وأخذت أبعاداَ وخلفيات، في المعاهد والجامعات الغربية، وهي وإن تأثرت بالدراسات اللاهوتية في مراحلها الأولى؛ فإن ضغوط الكنيسة بدأت تتقلص وتحل محلها الإديولوجيات الحديثة، وبدأت الدراسات الاستشراقية تتأثر بالمعارف المستحدثة. ومن هنا عرف الاستشراق تحولات ومنجزات في حقول المعرفة عامة، وفي حقول المعارف الإسلامية خاصة. و أثبتت الظاهرة الاستشراقية فاعليتها وحضورها المعرفي في أكثر البلدان الأوربية، وأصبح الاستشراق مادة علمية ممثلة بكرسي في كل جامعة.
وكان القرآن محط أنظار المستشرقين عموماً؛ لأنه هو مصدر القوة في حياة المسلمين، وهو منبع الرؤية في حضارة الإسلام. فهو الموجه لحركة الحياة عند المسلمين، ولمناحي التفكير لديهم، وهو الأصل الأول في معرفة حقيقة الإسلام. وهو الذي يُحدد علاقة الإسلام بالديانات السابقة، إذ هيمن على الكتب السابقة، واستصفى مقاصدها في رسالات السماء إلى أهل الأرض. وكما وقف مشركو قريش من القرآن، واعتبروه شعراً مرة، وسحراً أخرى، وكهانة مرة، وأساطير الأولين مرات، وكما رموا صاحب الرسالة بالافتراء والكذب تارة، وبالجنون تارة أخرى، وبحثوا له عن مصدر في الأرض؛ كانت جهود الاستشراق لا تخرج عن هذه التوجهات والتوجيهات التي استفاد منها كثير من العلمانيين في عالمنا العربي طيلة القرن العشرين، وما يزال بعضهم تشكل لديه منطلقات فكرية و" منهجية ". وباختصار ظل مشركو مكة والمستشرقون، ومن تتبعهم من أهل الإلحاد يعتبرون القرآن من تأليف محمد (صلى الله عليه وسلم). والملاحظ أن العداء التاريخي للإسلام ظل مترسبا في العقول، وأن نيرانه ظلت متقدة إلى اليوم. وسعت جهود الاستشراق في معالجتها لموضوع القرآن أن تطمس مقولة الوحي فيه، وأن تُثبت بشريته ليتسنى لها أن تُطفئ نوره بين سكان المعمور، ولم يتحقق شيء من ذلك.
¥