[رد ابن القيم وطه العلواني وحسن العلمي على من قال بعدم كفاية النصوص]
ـ[عبد الرحمن الظاهري]ــــــــ[12 Mar 2009, 04:16 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
لاشك أن أهل القبلة مجمعون على وجوب اتباع الكتاب وأنه كتاب هدايتهم ونجاتهم وفوزهم ... وما خالف في ذلك إلا مطعون في دينه مدخول في اعتقاده ...
لكن! دخل الفساد على الموحدين من جهة أخرى , فنفوا الهيمنة بلسان الحال مع أنهم اثبتوا بالمقال!! وهذا عيب العجب ...
وإنه لا يستحسن صواب الجاهل والأرعن مثلما يستقبح خطأ العاقل الكيس ..
قال بعض اهل العلم:
"طريقة ثانية في إثبات القياس
نقول: الضرورة داعية إلى وجوب القياس لأن النصوص متناهية والحوادث غير متناهية .. " (قواطع الأدلة للسمعاني)
ومثله الجويني وخلق كثير ...
قلت: هذا كلام يرجع إلى الطعن في القرآن وقطعا: يفتح الباب لمن أراد النيل من دين الله. فإن مزعمة عدم كفاية النصوص كمبرر لاستثمار القياس عادت بالإبطال على كلا القضيتين , ومجال التفصيل غير هذا.
ولا أدل على أقول من كلام الدكتور حسن العلمي (أستاذ علم الحديث بجامعة ابن طفيل بالمغرب) إذ قال في محاضرته الأولى عن الإجتهاد:
" وإن النصوص متناهية في ألفاظها فقط دون معانيها – قلت: وهذا من تحقيقه حفظه الله ومثلها كثير – قال بدليل قوله تعالى:"ما فرطنا في الكتاب من شئ" علمه من علمه وجهله من جهله. ولذلك يقول الشافعي رحمه الله: "فليست تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها" فلا يتوهمن واهم أن الكتاب والسنة فيها قصور عن الإحاطة وهذا اعتقاد فاسد فوجب التنبيه عليه وقد كان بعض السلف يقول: لو ضاع مني شراك نعلي لوجدت في كتاب الله مايدل عليه " وهذا من أساليب المبالغة لتأكيد المعنى المشار إليه ...
وإن فتح المجال لهذا الإعتقاد ليفتح الباب للطعن في شمولية الكتاب وإعجازه وهيمنته وهذه تهمة لا تخفى عليكم مخاطرها على عقائد الناس بل على نظامهم التشريعي الذي ما فتئوا يفخرون به ... وانظر إلى المسكرات – كأبسط دليل – ففيها من رسول الله حكم استوعب كل ما سيأتي من أنواعها وما يندرج تحتها ... والخمر عند العرب يقع على ما اشتد حتى قذف بالزبد , فكل ما خامر العقل وأسكره فهو حرام."
كما لا أجد غضاضة في سوق كلام الدكتور طه جابر العلواني في مقدمته لكتاب "تجديد الفكر الإسلامي" لمحسن عبد الحميد":
" ( ... فكأن القائلين بالقياس لم يجدوا ما يبررون أخذهم به دليلا رابعا إلا القول بعدم كفاية " النصوص المتناهية" لمواجهة الوقائع المتغيرة اللامتناهية على حد زعمهم فنفوا بذلك "إطلاق القرآن" ونفوا بشكل غير مباشر صفة الهيمنة و الإستيعاب وفات القائلين بتناهي النصوص أنهم نادوا بإعجاز القرآن وإطلاقه وتحديه وقدرته المعجزة على استيعاب الزمان والمكان والإنسان والحياة كلها فكيف تستقيم هذه الدعوى مع تأكيد صفة التناهي لنصوص الكتاب والسنة وتوقف إمكان استجابتها واستيعابها للمستجدات على القياس؟!)
قلت: وكذلك الإمام ابن القيم رحمه في إعلام الموقعين لم يرتض هذا التبرير الضعيف للأخذ بدليل ضعيف كذلك فقال:
"فرقة قالت: إن النصوص لا تحيط بأحكام الحوادث وغلا بعض هؤلاء حتى قال ولا بعشر معشارها قالوا فالحاجة إلى القياس فوق الحاجة إلى النصوص ولعمر الله إن هذا مقدار النصوص في فهمه وعلمه ومعرفته لا مقدارها في نفس الأمر واحتج هذا القائل بأن النصوص متناهية وحوادث العباد غير متناهية وإحاطة المتناهي بغير المتناهي ممتنع وهذا احتجاج فاسد جدا من وجوه" وساق وجوه الفساد.
قلت: إن الزيادة على كلام هؤلاء الأفاضل لا طائل من ورائه وقد كفونا حفظ الله حيهم ورحم ميتهم كل عناء في سبيل نقض هذا القول الشنيع
ورحم الله الشوكاني إذ يقول في إرشاد الفحول:
" ( ... ثم لا يخفى على ذي لب صحيح وفهم صالح أن في عمومات الكتاب والسنة ومطلقاتهما وخصوص نصوصهما ما يفي بكل حادثة تحدث ويقوم ببيان كل نازلة تنزل عرف ذلك من عرفه وجهله من جهله) "
وقال الإمام داود بن علي الأصفهاني رحمه الله:
"عمومات الكتاب والسنة أغنتنا عن كل قياس"
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:
": (لكن اعتبار مقادير المصالح والمفاسد هو بميزان الشريعة فمتى قدر الإنسان على اتباع النصوص لم يعدل عنها وإلا اجتهد برأيه لمعرفة الأشباه والنظائر وقل إن تعوز النصوص من يكون خبيرا بها وبدلالتها على الأحكام.) "
قلت: هذا كلام المحققين من أهل العلم المتبحرين في المعقول والمنقول الناظرين إلى القضايا بنور من عند الله ..
وفعلا ما تسربت إلينا هذه البدع إلا لأخذنا ما في كتب أهل البدع
خاصة وأنهم كانوا كبار الأصوليين
وكتبهم كانت ولا زالت هي المعتمد والمعول عليه في هذا الفن.
ولو أننا عملنا بنصيحة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله:
" إياكم أن تكتبوا عن أحد من أصحاب الأهواء قليلا ولا كثيرا عليكم بأصحاب الآثار والسنن"
لكنا في عافية من أمرنا.
¥