تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مقال: الراحل نصر حامد أبو زيد للدكتور خالد المزيني]

ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[08 Jul 2010, 06:06 ص]ـ

الراحل نصر حامد أبو زيد

بقلم: د. خالد بن عبد الله المزيني

توفي هذا اليوم الاثنين 23 رجب 1431هـ الكاتب المصري المعروف نصر حامد أبو زيد، وهو أستاذ جامعي له مكانته لدى قطاع كبير من مثقفي العصر، ولا تمنعنا مكانته هذه من مناقشة قصة أفكاره بروح (رياضية) موضوعية، ولولا أن بعض الإعلاميين العرب جعله من المجددين في هذا العصر لما تكلفت كتابه هذه المقالة، فالراحل أبو زيد يعد من دعاة الخروج على نهج الاستدلال الإسلامي الذي سار عليه أئمة الفقه والحديث منذ عصر صدر الإسلام، وقد كانت تسيطر عليه فكرة مركزية وجّهت أفكاره، وهي فكرة التاريخية الماركسية في دراسة أصول الشريعة وحقائق التاريخ، ويتكلف كثيراً في اقتناص الوقائع الإسلامية التي يؤيد بها فكرته، ولو بضرب من التأويل بعيد، وربما ساعده على ذلك ضيق العطن لدى (بعض) المعاصرين من الإسلاميين في التعاطي مع التراث واعتمادهم آليات الاسترجاع الأجوف وحشذ النصوص في غير موضعها، مما شجع قلم الراحل أبي زيد على إحداث اختراقات في جدار المنظومة الشرعية طارت بها الدوائر المعادية فرحاً.

وقد كتب الراحل نصر أبو زيد يدعو إلى قراءة جديدة للقرآن الكريم على طريقة اليساريين العرب، زاعماً أن هذا الكتاب الكريم ما هو إلا " نص لغوي "، و" منتج ثقافي " يعني بِلغتنا "مجرد كلام"، وأن من يدعو إلى نهج القرآن والاحتكام إليه فهو لا يعدو أن يكون مؤدلجاً دوغمائياً، وأنه لا يمكن فهم القرآن إلا من خلال إخضاعه لقانون التطور الطبيعي، فنصوص القرآن والتفسيرات اللاحقة له خاضعة للصيرورة التاريخية، ولأجل نزع القدسية عنها لا بد من تفسيرها بطريقة تربطها بالأحداث السياسية، لنقول للناس إن مرجعياتكم الشرعية ما هي إلا كتلة مؤدلجة لتكريس سلطة الاستبداد المستتر وراء النصوص، وأن عباءة الزهد عند أئمتكم تتدثر وراءها براغماتية فجة. وأن مقررات القرآن قابلة للتطوير بحسب ما يبدو للعقل الحر من كل قيد إلا قيد الرغائب والأهواء الوقتية، يا لها من تهمة صلعاء تسربت إلينا فصارت فطوراً يومياً في صحفنا الغراء!. وقد أصدر الراحل نصر أبو زيد عدداً من الكتب التي تعد مرجعاً لكل باغ وعادٍ على مصدرية القرآن العزيز، ومنها: " الاتجاه العقلي في التفسير: دراسة في قضية المجاز في القرآن عند المعتزلة (1982م) "، و "نقد الخطاب الديني (1992م) "، و "الإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجية الوسطية (1992م) "، و "مفهوم النص: دراسة في علوم القرآن (1993م) "، و "التفكير في زمن التكفير (1995م) "، وقد طبعت كتبه وانتشرت أيما انتشار، هذا وقد أصدرت محكمة النقض بالقاهرة عام (1416هـ) موافقتها على الحكم بالتفريق بين الراحل أبي زيد وزوجه بناءً على دعوى الحسبة التي رفعها المستشار صميدة عبد الصمد (اسم على مسمى)، لنشره أبحاثاً تثبت ردته عن الإسلام [انظر: المجتمع العربي المعاصر؛ د. حليم بركات، مركز دراسات الوحدة العربية (897)].

إن خرافة العقل الحر من سلطة النص المقدس، وإن بدَت للبعض ذات جاذبية كونها تدغدغ النفوس الساخطة على الفساد، لا تعدو أن تكون أسطورة اخترعتها الماركسية الدهرية، وإلا فإنه لا وجود للعقل الحر كما يصوره بعض الأفلاطونيين العرب، خذ مثالاً الأنظمة الغربية التي ألغت سلطة النص المقدس، لقد استعاضت عنه بقيود القوانين التي كتبها رجال القانون وشرّاحه كما في النظام اللاتيني المدوّن، أو بالسوابق القضائية كما في النظام الانجلوسكسوني، وهؤلاء وأولئك مستعبدون لقواعد ملفقة من تراكمات قانونية تفتقر إلى التمنهج العقلي، فأين العقل الحر في هذا العالم!.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير