تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[التنبيه والرد على ما ورد في ترجمة الحافظ عثمان بن أبي شيبة من تصحيفه للقرآن الكريم]

ـ[ضيدان بن عبدالرحمن]ــــــــ[06 Sep 2010, 05:38 م]ـ

قرأت في ترجمة الحافظ عثمان بن أبي شيبة – رحمه الله – في كتاب "سير أعلام النبلاء "، و "ميزان الاعتدال "، أن هذا الحافظ كان يصحف كلام الله، وأنه صاحب دعابة حتى فيما يتصحف من القرآن العظيم، ولولا أن هذا النقل اتخذه طائفة الشيعة للطعن بالقرآن الكريم، وتحريف أهل السنة له، ما كتبت فيه .. وقد اشكل عليَّ هذا الأمر من قبل، واحتج به علينا بعض الإسماعلية، فكان مما كتبته للفائدة والرد على من يحتج به:

أن الذي ذكره الذهبي في كتاب "سير أعلام النبلاء "، و "ميزان الاعتدال " فيه نظر، ولا يصح من وجوه:

(1) لا يشك أحد بإمامة وجلالة وحفظ هذا العالم عثمان بن أبي شيبة:

فهو كما قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (9/ 415، 416):

«الامام الحافظ الكبير المفسر، أبو الحسن، عثمان بن محمد بن القاضي أبي شيبة إبراهيم بن عثمان بن خواستى العبسي مولاهم الكوفي صاحب التصانيف، وأخو الحافظ أبي بكر».

وقد حدث عنه حق كثير من الأئمة والعلماء، حدث عنه: البخاري، ومسلم، واحتجا به في كتابيهما، وأبو داود، وابن ماجة في " سننهما "، وأبو حاتم، والفسوي، وإبراهيم الحربي، وإبراهيم بن أبي طالب، وبقي بن مخلد، وعبد الله بن أحمد، وأبو بكر أحمد بن علي المروزي، وزكريا خياط السنة، وأبو يعلى، والفريابي، والبغوي، وأحمد بن الحسن الصوفي، وولده الحافظ محمد بن عثمان، ومطين، وعدد كثير.

وسئل عنه أحمد بن حنبل، فأثنى عليه، وقال: ما علمت إلا خيرا.

وقال يحيى بن معين: ثقة مأمون.

فكيف يحتج برجل يصحف في كتاب الله عمداً، وأين إنكار العلماء عليه، وهو عَلَمَ يروي عنه القاصي والداني، وعلى رأسهم أخوه الحافظ أبو بكر بن أبي شيبة، صاحب المصنف، وأين علماء الجرح والتعديل عن قوله وتصحيفه للقرآن الكريم.

(2) هذا الرجل صنف تفسيراً للقرآن الكريم -كما ذكر العلماء في ترجمته -، فكيف يقبل منه وهو يصحف كلام رب العالمين؟!!. بل كيف يكون ثقة مأموناً في الحديث وهو يصحف في كتاب الله ولا يضبطه؟، فمن باب أولى عدم ضبطه للحديث.

هذا مما يدل على ضعف ما نقل عنه في هذا.

(3) أما قول الذهبي في "سير أعلام النبلاء " (9/ 415، 416): «وهو مع ثقته صاحب دعابة حتى فيما يتصحف من القرآن العظيم، سامحه الله».

وقال في الميزان: «قلت: فكأنه كان صاحب دعابة. ولعله تاب وأناب».

وقوله: «قلت: إلا أن عثمان كان لا يحفظ القرآن فيما قيل (على صيغة التمريض).

فقال أحمد بن كامل: حدثنا الحسن بن الحباب، أن عثمان بن أبي شيبة قرأ عليهم في تفسير: (ألم تر كيف فعل ربك) - قالها: ألف، لام، ميم.

قلت: لعله سبق لسان وإلا فقطعاً كان يحفظ سورة الفيل، وهذا تفسيره قد حمله الناس عنه. قال الخطيب في جامعه: لم يحك عن أحد من المحدثين من التصحيف في القرآن الكريم أكثر مما حكى عن عثمان بن أبي شيبة، ثم ساق بسنده عن إسماعيل بن محمد التسترى، سمعت عثمان بن أبي شيبة يقرأ: فإن لم يصبها وابل فظل. وقرأ مرة الخوارج مكلبين.

وقال أحمد بن كامل القاضى: حدثنا أبو شيخ الاصبهاني محمد بن الحسن، قال: قرأ علينا عثمان بن أبي شيبة: بطشتم خبازين. وقال محمد بن عبيد الله بن المنادى، قال لنا عثمان بن أبي شيبة: ن، والقلم - في أي سورة هو؟ وقال مطين: قرأ عثمان بن أبي شيبة: فضرب لهم سنور له ناب، فردوا عليه، فقال: قراءة حمزة عندنا بدعة. وقال يحيى بن محمد بن كأس النخعي: حدثنا إبراهيم بن عبد الله الخصاف، قال: قرأ علينا عثمان بن أبي شيبة تفسيره. فقال: جعل السفينة في رجل أخيه، فقيل: إنما هو السقاية. فقال: أنا وأخى أبو بكر لا نقرأ لعاصم».

فلا يستقيم، لأن التصحيف نوع من التحريف. فإسناد الذهبي الذي ذكره لا يعرف من أخرجه، وكذا إسناد الخطيب متأخر جداً وفيه مجاهيل. فلا غرابة أن يكون ـ رحمه الله ـ صاحب دعابة دس فيها هذا التصحيف في كتاب الله من الرافضة، وغيرهم.

(4) غرابة متنون هذه الرواية يحكم العاقل بضعفها ونكارتها:

(الخوارج مكلبين)، (ن، والقلم، في أي سورة هو؟) هذا يعرفه الصبيان فكيف بالعلماء، أو بالعالم الذي صنف تفسيراً للقرآن الكريم. (فضرب لهم سنور له ناب) كيف يستقيم المعنى له بهذا التحريف، وباقي الآية تقول: (باطنه فيه الرحمه وظاهره من قبله العذاب)!!، (جعل السفينة في رجل أخيه) كيف يفهم هذا الكلام، وما معناه؟ كيف يجعل السفينة في رجل أخيه؟!!! (بطشتم خبازين) وهل الخباز له بطش!

هذا مما يدل على نكارة هذه المتون والرويات التي لا يمكن أن تصدر من جاهل فضلاً عن عالم ثقة مأمون، روى عنه البخاري ومسلم في صحيحهما واحتجا به، وروى عنه غيرهما من الأئمة الثقات الأثبات، بل وله تفسير للقرآن تناوله العلماء بالقبول والرضا، وحمله الناس عنه.

هذا ما أحببت الإفادة به، دفاعاً عن علماء الحديث ورواته، وحتى لا يتخذ ذلك حجة وطعناً في الدين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير