تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مقالة قيمة عن (الجدل حول حفظ القرآن) للباحث أبي يعرب المرزوقي]

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[29 Apr 2009, 05:23 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

عثرت على هذا المقال الرائع للدكتور أبي يعرب المرزوقي الباحث المغربي في موقع الملتقى الفكري للإبداع، وكان يتحدث حول كتاب (مدخل إلى القرآن الكريم) للدكتور محمد عابد الجابري الذي اثار الكثير من النقاشات مؤخراً. وقد حاول أبو يعرب المرزوقي إعادة النقاش إلى أصله بغض النظر عن موقفه الشخصي من الكتاب ومضمونه، وذكر إثباتات وأدلة قيمة لإثبات صحة النص القرآني من داخله وخارجه قلَّ من ينبه إليها من العلماء، وقد أحسن نقاش الجابري بنفس منقطه وأسلوبه في الحجاج والجدل، وأدعو الزملاء إلى قراءة هذه المقالة بتأني وإعادة قراءتها للاستفادة منها، مع بعض المؤاخذات العلمية الطفيفة على الباحث وفقه الله في مسائل علمية ليست بذات أثر في صلب الموضوع.

سألني الكثير من الأخوة الأفاضل رأيي في ما يدور حاليا من جدل حول كتاب الجابري في القرآن الكريم وبالذات حول قابلية القرآن للزيادة والنقصان أعني حول مسألة الحفظ. ولما كان الكلام يدور حول معتقد وليس حول معرفة فإني أرفض الدخول في النزاع الجدلي الدائر وأكتفي بالسؤال العام عن طبيعة المسألة ماهي. فلعل الإجماع حاصل حول الدافعين الأساسيين اللذين يفسر بهما السؤال عن صحة القرآن وما ينتج عنها من خلل منهجي يجعل أدوات المعرفة كاشفة أو حاجبة للممكن منها للإنسان:

1 - الدافع الأول هو الصراع العقدي بين الفرق لكونه يتحول حتما من طلب للحقيقة حول موضوع النقاش إلى الدفاع المتعصب عن خيار لأحد فهومه.

2 - الدافع الثاني هو محاولة العودة بالنقاش إلى طلب الحقيقة بشروطها وحدودها ومن ثم تحرير المسألة من الصراع العقدي بين الفرق.

لكن المشكل كله يكمن في كون الجميع يدعي الانتساب إلى الصف الثاني ويتهم خصيمه بالانتساب إلى الصف الأول. لذلك فالبداية ينبغي ألا تكون البحث في المسألة ذاتها بل في علامات الموقفين للتمييز بينهما. ومن ثم فما أورده هنا لن يتعلق بمحاولة الجابري ولا بالموقف منها في التعليقات عليها أو لها بل هي لمحاولة الجواب عن الأسئلة التالية:

هل طرح هذه القضية بهدف الحسم في مسألة إثبات الحفظ أو نفيه قضية يمكن الخوض فيها علميا بصورة يمكن للعقلاء أن يصلوا فيها إلى نتيجة مقبولة عقلا؟

وقبل ذلك هل هي قضية تستحق أن تكون موضع خلاف بين العقلاء سواء كانوا مؤمنين أو ملحدين فيسعون لعلاجها بصورة تتعالى على هذين الخيارين؟

وقبل هذا القبل أليس من الواجب أن نسأل: عن مقدار الدقة في المعرفة التاريخية الممكنة بصحة النصوص ما هو خاصة عند فقدان الحامل المادي للوثيقة القابلة لتحديد عمرها تحديدا علميا؟

وبذلك يكون السؤال الجامع: هل من المعقول أن نجعل مجرد الاستقراب والاستبعاد الجدليين حقائق علمية نناطح بها المعتقدات الإيمانية كما يفعل جل العلمانيين العرب الذين يتصورون تاريخ النصوص قابلا للفصل في مسائل الخلاف بين الموقفين الإيماني واللا إيماني؟

المنطق الزائف عقلا ونقلا أو علما وعقدا أن مسألة التصديق بأن القرآن من الله أو ليس منه وبأن ما في المصحف هو ما نزل على الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- كله أو بعضه أو هو يتضمن أو لا يتضمن منحولات كل ذلك ليس مما يعني المعرفة العلمية إثباتا ولا مما يعني العقد الديني نفيا. إنها مسألة عديمة المعنى بالنسبة إلى المؤمن بالقرآن. وهي كذلك مسألة فاقدة لكل معنى بالنسبة إلى غير المؤمن به على حد سواء. وكل ما يدندن به المتعالمون الذي يريدون أن يقيسوا القرآن بالنصوص المتقدمة عليه في الزمان من دون اعتبار الفوارق الموضوعية والتاريخية لا ينتسب إلى العلم بل إلى مجرد التقليد الإيديولوجي: والعلة هي التعميم العامي الذي وصفه أرسطو عند الطفل يعتبر كل رجل أبا وكل امرأة أما له وكذلك ما يبدو نقيضه وهو عينه عندما لا يعتبر الطفل أباه رجلا ولا أمه امرأة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير