[عرض كتاب: (مستقبل الإسلام في الغرب و الشرق)]
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[12 Jun 2008, 07:48 م]ـ
خواطر حول كتاب " مستقبل الإسلام في الغرب و الشرق"
أدعياء التجديد الديني، على أطراف أصابعهم! *
د. أحمد خيري العمري
باحث عراقي مقيم في دمشق
المصدر: شبكة إسلام أونلاين ( http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1212925180753&pagename=Zone-Arabic-ArtCulture%2FACALayout)
http://www.tafsir.net/vb/attachment.php?attachmentid=1764&stc=1&d=1213288859
تمثل حوارية "مستقبل الإسلام في الغرب والشرق" فرصة نادرة للقاء بين رؤيتين مختلفتين للإسلام ومستقبله، واحدة منهما رؤية مفعمة بالأمل دون أن تنفي وجود المخاطر المحدقة؛ رؤية ترى إمكانات كامنة، وإن كانت غير مستغلة للنظم الإسلامية في شتى الميادين. أما الرؤية الأخرى، فهي تقول بالحرف الواحد إن البحث عن "نظم كهذه بمثابة جري وراء السراب".
ولأننا نعيش في عالم يجب ألا نستغرب فيه من أي شيء، فإنه ليس من المستغرب هنا أن تكون الرؤية الأولى المفعمة بالأمل، هي لمسلم غربي ولد كاثوليكيا، واهتدى إلى الإسلام، عندما كان على مشارف الخمسين من العمر، إنه الدبلوماسي الألماني المعروف "مراد هوفمان".
أما الرؤية الثانية: فهي للدكتور/ عبد المجيد الشرفي الذي ولد مسلمًا وأتمَّ دراسة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية، وقد كان إلى تقاعده أستاذ الحضارة الإسلامية في الجامعة التونسية، وكل مؤلفاته تدور حول الفكر الإسلامي وتحديثه.
هذه المفارقة بالذات، هي أهم ما في الكتاب، على كثرة ما طرحه المتحاوران من أشياء مهمة؛ لكنها تلخص مأزق الاستلاب الحضاري الذي يعاني منه الكثير من الدارسين والمشتغلين في الفكر الإسلامي، والكثير من المسلمين بطبيعة الحال.
نحن هنا أمام نموذجين، يمثل كل منهما حالة حضارية تناقض الأخرى: هوفمان الخارج من عمق الحضارة الغربية، خابرًا تناقضاتها وأزماتها الدفينة، متطلعًا إلى الإسلام كمادة أساسية لبناء حضارة أخرى. والشرفي الخارج من كل واقعنا السلبي وتناقضاته وأزماته، متطلعًا إلى الحضارة الغربية وبريقها باعتبارها طوق الإنقاذ الوحيد الممكن.
* بطن الحوت:
جغرافيًا سيبدو أن كلا منهما ينظر باتجاه الآخر، لكن الأمر أعقد من ذلك؛ لأن القيم الحضارية لا تسكن خطوط الطول والعرض بالضبط، وإن كانت الأوعية التي تحملها تتمثل فيها أحيانًا.
سيبدو لنا "هوفمان" هنا كما لو كان حبيسًا في بطن الحوت، مثل يونس، لكن الحوت هنا هو حوت الحضارة الغربية ببريقها وقوتها، وكل ما لا يمكن إنكاره من انتصاراتها، تلك الحضارة التي التقمته وجعلته يدخل فيها، لكنها لم تدخل فيه، ولم تدخل في ثنايا قلبه أو تلافيف دماغه؛ لذلك فهو فيها، لكنه يرنو إلى الخروج نحو أرض جديدة.
وتسبيحته في بطن الحوت، هي الرؤية الجديدة التي تنطلق من حقيقة أن الظلم ليس فقط بظلم الجلاد للضحية، ولكن باستسلام الضحية للجلاد أيضًا، الاستسلام للمكوث في بطن الحوت لمجرد جبروته وسطوته وانتصاره.
الدكتور الشرفي على الجانب الآخر ليس في "بطن الحوت"، لكن الحوت في داخله بطريقة أو بأخرى، أو ربما ليس الحوت، ربما ذلك العجل الذي أشرب في قلوب بني إسرائيل، لكنه عجل الحضارة الغربية هذه المرة، الحضارة المنتصرة التي صارت تمثل المرجع والمعيار، وصار كل "صواب" أو "خطأ" يعود لشروطها وتقييمها.
* قراءة انسلاخية:
وهذه هي المشكلة تحديدًا مع صاحبنا هذا في جانبه من الحوار .. فهناك مقدمات لحواره لا يمكن أن نختلف معه فيها، مثل "ضرورة وجود قراءات جديدة للنص القرآني"، لكن المشكلة هي خط السير بعد هذه المقدمة، ذلك أن المسار سيحدد باتجاه تلك الحضارة ومعطياتها وشروطها كما لو كان أي طريق آخر، وشروط أخرى لا تقع إلا في نطاق الاستحالة.
نلاحظ أن الدكتور الشرفي، بذكاء شديد يتجنب قدر الإمكان استخدام لفظ "التجديد"، ويستخدم بدلا عنه "التحديث"، ليس ذلك بدون سبب وجيه .. ذلك أن التجديد هو "إضافة جديد على القديم"، كما يقول في لقاء صحفي معه نشر في موقع الحوار المتمدن، أما التحديث فهو يدخل في عملية الانسجام بين متطلبات الحداثة والتدين الذي هو موروث من قبل فترة ما قبل الحداثة.
¥