[المصطلحات الضبابية عند أصحاب القراءات المعاصرة للقرآن الكريم]
ـ[محمد كالو]ــــــــ[24 Feb 2008, 02:51 م]ـ
المصطلحات الضبابية عند أصحاب القراءات المعاصرة
المصطلحات: من القضايا الهامة والخطيرة في عصرنا الحديث الذي يتميز بالتشابك والتداخل .. ولأن المصطلح يعني تلخيص فكرة واضعيه حول قضية معينة فإن الأمر إذن على درجة كبيرة من الخطورة تحتم علينا الحيطة والحذر في التعامل مع المصطلحات.
فالغرب كطرف أقوى حضاريًا وثقافياً وإعلامياً يطلق المصطلحات التي تعبر عن رؤيته لقضية معينة،ثم يسوّق هذه المصطلحات إلى العالم عبر أجهزة إعلامه المسيطرة، فتنتشر هذه المصطلحات وتسود حتى لو كانت خاطئة ومتحيزة وأنانية.
أما بالنسبة لمحمد أركون وغيره من أصحاب القراءات المعاصرة للقرآن الكريم ومن دعاة التغريب واستعمالهم للمصطلحات الضبابية وغير العربية فإنهم يريدون أن يقوضوا دعائم وجود الأمة، فيبدأون بتغيير مفردات تراثها العظيم، وأنى لهم ذلك!
إن أغرب ما في أمر أصحاب القراءات المعاصرة هو أنهم يصرحون بأن ما يسعون إليه هو هدم ما يسمونه (القديم) وإحلال جديد محله، وهذا الجديد في نظرهم هو تعاليم المادية التاريخية الماركسية واللينينية، ومن هنا لجؤوا إلى أساليب ملتوية، لترويج أفكارهم الوهمية، فكانت الضبابية والتعتيم على الحقائق، واللبس والغموض في التعبير، فالدغمائية، والغنوصية، والأبستمولوجية، والأمبريقية، والأنسنة، والإسلاموية، والسلفوية، والزمكانية، والمكانزماتية، والهرمونوطيقية، وألفاظ كثيرة غيرها، كلها من تعابيرهم ومصطلحاتهم، وتعابير ومصطلحات مؤيديهم ومقومي أفكارهم الوهمية، وهي كلها ألفاظ تندس في مؤلفاتهم ليسير القارئ من خلالها في طريق التغريب، بقصد إيهامه بتخلف وعيه، وبعدم قدرته على استيعاب ما يكتبون.
ويذهب بك العجب كل مذهب حينما تجد أنهم أنفسهم يعترفون بعدم فهمهم لها، فمترجم كتب (محمد أركون) هاشم صالح اعترف في مقدمته لكتاب (أين هو الفكر الإسلامي المعاصر، لمحمد أركون) الاعتراف التالي:
بأنه لم يستطع أن يفهم هذه المصطلحات إلا بعد (10) سنوات، وبعضها بعد (3) سنوات من الدراسة في المعاهد الفرنسية، حتى استطاع أن يتصور معناها كما أراد مستعملوها.اهـ
إنهم بذكر هذه المصطلحات الضبابية يريدون أن يقضوا على الثقة بين العلماء ومصطلحاتهم العلمية بما يسمى (حرب المصطلحات) وأنى لهم ذلك! فلكل حضارة خصوصية في استعمال مصطلحاتها.
الدوغمائية مثلاً:
مصطلح نصراني كاثولكي مشتق من كلمة (دوجما) ومعناها: المبدأ ذو الصحة المطلقة، ويرتبط هذا المصطلح بالإلهام الذي تزعمه الكنيسة لنفسها، ويدخل في نطاقه الإدعاء المثير للسخرية وفحواه أن بابا الفاتيكان معصوم، وذلك بموجب دوجما صدرت عام (1870م)، وأصبحت الدوجماتية وصفاً يطلق على الحركات الشمولية كالشيوعية والفاشية. وفي نطاق ببغاوية اللادينيين العرب أصبحوا يفترون على الإسلام بإلصاق الدوجماتية به ظلماً وعدواناً، مع أنهم هم الأجدر به، لأن الاقتناع بالإسلام أمر اختياري يلي التفكير والتدبر. اهـ (انظر: موسوعة الرد على المذاهب الفكرية المعاصرة 1 - 29 - (ج 40 / ص 364)
هذا ومن الجدير بالذكر أن محمد أركون الذي يسمي نفسه بأبي العلمانيين والحداثيين والعقلانيين يستخدم هذا المصطلح وغيره حيث يصف العلماء والفقهاء – ضمن مسلسل الهجمة العدائية للإسلام – بأنهم مسجونيين داخل (السياج الدوغمائي).
يقول د. عبد الوهاب المسيري: إننا قد أدمنا عملية نقل المصطلحات دون إعمال فكر أو اجتهاد ودون فحص أو تمحيص، فأصبحت العلوم الإنسانية العربية عقلها في أذنيها.
أما ما هو الحل البديل؟
فإن القاعدة الأساسية ألا نترجم على الإطلاق مصطلحاتهم كما هي وإنما ننظر للظاهرة ذاتها سواء في بلادهم أم بلادنا، فندرس المصطلح الغربي في سياقه الأصلي ونعرف مدلولاته،ثم نحاول توليد مصطلحات من داخل المعجم العربي، لا يكون ترجمة حرفية ونقلاً بدون اجتهاد ولكننا نولد مصطلحاً يصف ما نراه نحن، وتفسير من وجهة نظرنا نحن، وهذا لا يعني انغلاقاً عن الذات وإنما يعني انفتاحاً حقيقيًا على الآخر بدلاً من الخضوع له تماماً أو رفضه تماماً.