[فصل المقال فيما بين فلسفة البشر وحكمة القرآن من الانفصال عند الحكيم بديع الزمان (2)]
ـ[خلوصي]ــــــــ[28 Jun 2010, 11:57 ص]ـ
[فصل المقال فيما بين فلسفة البشر وحكمة القرآن من الانفصال عند الحكيم بديع الزمان (2)]
العدد: 4 (يوليو - سبتمبر) 2006
http://www.hiramagazine.com/images/noktacizgi.jpg
أ. د. طه عبد الرحمن http://www.hiramagazine.com/images/yildiz.gif (http://www.hiramagazine.com/archives_show.php?ID=72&ISSUE=3#alt)/ الفلسفة الإسلامية
http://www.hiramagazine.com/images/yazarhakkinda.gif (http://www.hiramagazine.com/author_show.php?Y_ID=47)http://www.hiramagazine.com/images/mail_write.png (http://javascript:popUpArkadas('sendtofrend.php?id=archives_show.ph p?ID=72&ISSUE=3');)http://www.hiramagazine.com/images/print.png (http://www.hiramagazine.com/print.php?ID=72) تمت قراءة هذه المقالة 4259 مرة
ولننعطف الآن على الضرب الثاني من الوصل بين الفلسفة والحكمة، وهو الضرب التصاحبي، فنبين كيف مارس عليه بديع الزمان هذا النقد المثلَّث، مع العلم بأن هذا الضرب يقوم على مبادئ ثلاثة هي: "مبدأ الاندهاش" و"مبدأ الاستشكال" و"مبدأ الاستدلال".
2.1.2. نقد التصاحب بين الفلسفة والحكمة
أ- النقد المنطقي:
فبالنسبة لمبدإ الاندهاش الفلسفي، الصواب أن الفلسفة لا تصدر عن الشعور بالعجيب الخارق، وإنما عن الشعور بالغريب الشاذ؛ (1) وشتان بين الشعورين، فالأول مداره على كمال الخلقة الذي في الأشياء، بينما مدار الثاني على نقص الخلقة الذي فيها؛ والدليل على ذلك أن الفلسفة لا تتأمل المألوفات، بل تحسب كل مألوف معلوما، بل إن أكثر معلوماتها مبنية على المألوف والعادي، وليس على المعجز والخارق. (2)
وأما عن مبدإ الاستشكال الفلسفي، فالصواب أنه غير مضبوط في مقاصده المتعلقة بالكائنات، فيقع في الخبط والانتشار في كل اتجاه؛ كما أنه غير مشفوع بالجواب المطلوب، فيقع صاحبه في الحيرة البالغة، بل في العذاب الشديد. (3)
وأما عن مبدإ الاستدلال الفلسفي، فالصواب أنه سلسلة من القضايا التي يتهددها الوهم على الدوام؛ فلو فرضنا أننا نريد أن ندفع عنها هذا التهديد، فحينئذ يلزم أن نستدل على كل قضية من هذه القضايا بسلسلة أخرى من القضايا يتهددها بدورها الوهم، وهكذا دواليك؛ فلا نكاد ندفع الوهم عن سلسلة حتى نجلبه إلى سلاسل من دونها بلا انقطاع. (4)
ب - النقد الأخلاقي:
لما كان الاندهاش الفلسفي في أصله استغرابا، ولم يكن أبدا استعجابا، أوقع المتفلسف في محذورَين:
أحدهما، سد طريق الاعتبار: إذا كانت الفلسفة لا تتعجب من العاديات والمألوفات، فإنها لا تمكِّن صاحبها من استخراج العِبر والعظات منها.
والثاني، فتح طريق النكران: إذا كانت الفلسفة تُلقي بغطاء الإلفة على الأشياء، فإنها تحول دون معرفة القدرة الإلهية والإقرار بأفضالها غير المتناهية.
ولما كان الاستشكال الفلسفي تساؤلا غير منضبط، أفضى إلى أمرين كلاهما حرمان هالك:
أحدهما، فقدان سر التوحيد: إن كثرة الأسئلة بدون مقاصد موجِّهة ولا أجوبة مُرْضية تدل على أن صاحبها محروم من سر التوحيد، إذ إنه لو كان متحققا بهذا السر، لدارت أسئلته على مقاصد محددة، وظفر بالأجوبة عليها ضمن هذه المقاصد التوحيدية. (5)
والثاني، فقدان الشعور بالسعادة: إذا لم يجد المتفلسف أجوبة على أسئلته المتفرقة ولا استجابة لمطالبه المتباينة، فلا بد من أن يشقى شقاء عظيما. (6)
ثم لما كان الاستدلال الفلسفي سلسلة مهددة بالوهم، أفضى إلى أمرين كلاهما شر بالغ:
أحدهما، التعلق بالأسباب دون المسبِّب: تقتصر الفلسفة في استدلالاتها على الكائنات دون المكوِّن سبحانه، أي باصطلاح بديع الزمان تأخذ بالنظر الاسميّ، لا الحرفي؛ (7) يلزم على ذلك أنها تُوقِع المشتغل بها في عبادة الأسباب. (8)
والثاني، التعلق بالذات دون غيرها: كما ينظر المتفلسف من الكائنات إلى أسبابها الطبيعية، فكذلك ينظر إلى نفسه نفس النظر الاسمي؛ (9) يلزم من ذلك أنه يقع في عبادة النفس. (10)
ج- النقد الإشاري:
¥