تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مجامِعِكُم وتُطارِدونَ مِنْ مدينةٍ إلى مدينةٍ، 35حتَّى يَنزِلَ بِكُم العِقابُ على سَفكِ كُلٌ دمِ بريءٍ على الأرضِ، مِنْ دمِ هابيلَ الصَّدّيقِ إلى دمِ زكريّا بنِ بَرَخِيّا الَّذي قتَلتُموهُ بَينَ المَذبحِ وبَيتِ الله. 36الحقُّ أقولُ لكُم: هذا كُلٌّهُ سيَقَعُ على هذا الجِيلِ. 37يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا! 38هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَابًا. 39لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَني مِنَ الآنَ حَتَّى تَقُولُوا: مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! "، "21وخرَجَ يَسوعُ مِنْ هُناكَ وجاءَ إلى نواحي صورَ وصيدا. 22فأَقبلَتْ إلَيهِ اَمرأةٌ كَنْعانِيّةٌ مِنْ تِلكَ البلادِ وصاحَتِ: "اَرْحَمني، يا سيَّدي، يا اَبن داودَ! اَبنتي فيها شَيطانٌ، ويُعذَّبُها كثيرًا". 23فما أجابَها يَسوعُ بكَلِمَةٍ. فَدنا تلاميذُهُ وتَوَسَّلوا إلَيهِ بقولِهِم: "اَصرِفْها عنّا، لأنَّها تَتبَعُنا بِصياحِها! " 24فأجابَهُم يَسوعُ: "ما أرسلَني الله إلاّ إلى الخِرافِ الضّالَّةِ مِنْ بَني إِسرائيلَ". 25ولكنَّ المرأةَ جاءَتْ فسَجَدَتْ لَه وقالَت: "ساعِدْني، يا سيَّدي! " 26فأجابَها: "لا يَجوزُ أنْ يُؤخذَ خُبزُ البَنينَ ويُرمى إلى الكِلابِ". 27فقالَت لَه المَرأةُ: "نَعم، يا سيَّدي! حتَّى الكلابُ تأكُلُ مِنَ الفُتاتِ الذي يَتَساقَطُ عَنْ موائدِ أصحابِها". وإن الإنسان ليتساءل: أهذا هو عيسى الذى تُضْرَب به الأمثال فى الوداعة والطيبة وحب السلام؟ فما بالنا لو عرفنا بم رد على أحدهم حين أخبره أن أمه مريم وإخوته يريدون أن يَرَوْه بالخارج؟ لنسمع: "46وبَينَما يَسوعُ يُكلَّمُ الجُموعَ جاءَتْ أمٌّهُ وإخوَتُهُ ووقَفوا في خارِجِ الدّارِ يَطلُبونَ أن يُكلَّموهُ. 47فقالَ لَه أحَدُ الحاضِرينَ: "أُمٌّكَ وإخوتُكَ واقفونَ في خارجِ الدّارِ يُريدونَ أنْ يُكلَّموكَ".48فأجابَهُ يَسوعُ: "مَنْ هيَ أُمّي؟ ومَنْ هُمْ إخْوَتي؟ " 49وأشارَ بيدِهِ إلى تلاميذِهِ وقالَ: "هؤُلاءِ هُمْ أُمّي وإخوَتي. 50لأنَّ مَنْ يعمَلُ بمشيئةِ أبي الَّذي في السَّماواتِ هوَ أخي وأُختي وأُمّي"، وهو ما يعنى أن أمه وإخوته لا يعملون ما يريده الله منهم. وما بالنا لو عرفنا ما قاله عندما ظن الناس أنه قد أتى بدعوة السلم والسكينة فأكد لهم أنه لم يأت ليلقى سلاما على الأرض بل نارا وسيفا وأنه إنما جاء ليفرّق بين أفراد الأسرة الواحدة ويبث بينهم العداوة والبغضاء؟ وهذا نص كلامه: "34لا تَظُنّوا أنيَّ جِئتُ لأحمِلَ السَّلامَ إلى العالَمِ، ما جِئتُ لأحْمِلَ سَلامًا بَلْ سَيفًا. 35جِئتُ لأُفرَّقَ بَينَ الاَبنِ وأبيهِ، والبِنتِ وأمَّها، والكَنَّةِ وحماتِها. 36ويكونُ أعداءَ الإنسانِ أهلُ بيتِهِ".

هذا عن السيد المسيح صلوات الله وسلامه عليه، أما النبى محمد فقد انتهج سياسة التسامح لا ثلاث سنوات فحسب، بل ثلاثا فوق العشر، علاوة على أن صبره وتحمله للأذى كان أكبر. أما حين فاض الكيل ولم يعد هناك مجال للتسامح بعد أن أغلق الأعداء كل طرق الصبر فكان لا بد من رد العدوان بمثله، وإلا فقد تكرر الأمر بالصبر حتى فى العهد المدنى، أى بعد أن أُذِن للمسلمين بالدفاع عن أنفسهم، كما فى الآيات الأخيرة من سورة "النحل" مثلا، وقد نزلت بعد غزوة أحد: "وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (18) ". هذا، وإن دعوة النبى محمد لأشد مؤونة من دعوة أخيه عيسى: فقد كان عيسى فى سن الشباب حين نهض بدعوته، فيما كان محمد كهلا أوانئذ. كما أن ميدان الدعوة المحمدية أوسع كثيرا وأرحب، إذ بينما كانت دعوة عيسى تنحصر، بعد التوحيد والصلاة، فى بعض الوصايا الأخلاقية المثالية غير القابلة للتطبيق فى دنيا البشر كانت دعوة سيد الخلق تشمل كل شىء فى

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير