تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هذا ما قالته "الويكبيديا" فى المادة المخصصة لهذا اليوم. وهو، كما يرى القارئ بكل وضوح، يختلف عن يوم الأضحى عندنا تمام الاختلاف: سواء فى التاريخ أو الغاية أو الشعائر أو المعنى أو المدى أو التفاصيل والدقائق. ومع هذا يظن الكاتب أنه يمكن أن يغمز من قناة الإسلام بهذه البساطة وينجو، مع أن من الميسور التحقق من كل زيف يراد له الانتشار وفضح صاحبه. كذلك ليس فى عيد الأضحى صوم ولا توقف عن العمل ولا كهانة ولا عزازيل ولا وثنيات. بل إن التضحية فى الإسلام ليست فرضا بل سنة، وهى تضحية فردية لا عن الأمة كلها مثلما هى فى اليهودية. ذلك أن المسلمين لم يعبدوا العجل لا فى غياب رسولهم ولا فى حضوره كما فعل اليهود عند مغيب موسى عليه السلام فى لقائه بربه فوق الجبل لتلقى الألواح، إذ يقول العهد القديم إن هارون صنع لهم أثناء ذلك عجلا ذهبيا عبدوه ورقصوا حوله وهم عرايا، مرتدِّين بذلك إلى الوثنية. وفوق ذلك فتوقيت الشعيرة الإسلامية توقيت قمرى لا شمسى كما هو الوضع لدى اليهود، ولا يرتبط عندنا بتلقى نبينا وحيا خاصا ولا بالخروج من مكة، ولا علاقة له بموسى أو بالتوراة أو باليهود وخروجهم من مصر، بل بتاريخ إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وبشعيرة الحج، وهو ما يسبق موسى وخروج بنى إسرائيل من مصر بأزمان وأزمان. ثم إن الأضحية فى الإسلام هى للأكل والصدقة والإهداء، وليست لمجرد التضحية كما هو الحال فى اليهودية. والذى يذبحها هو أى شخص يستطيع ذلك، بخلاف الامر فى ديانة يهود، فهو الكاهن حسبما رأينا. كما يسبق الذبحَ لدينا ويعقبه أمورٌ أخرى لا صلة بينها وبين يوم كيبور وما يفعله اليهود فيه. إنهما أمران مختلفان تمام الاختلاف كما قلت.

وحين يبلغ الكاتب سياق الحديث عن الأخلاق فى الإسلام نراه يزعم دون أدنى دليل، بل ضد كل دليل، أنها أقل من نظيرتها فى اليهودية، بَلْهَ النصرانية، التى تتفوق على الإسلام فى هذا المجال تفوقا أكبر حسب دعواه. وكيف تكون أخلاق اليهودية أفضل منها فى الإسلام، واليهود إنما ينظرون إلى غيرهم من البشر على أنهم أحط من الحيوان، ويفرقون فى المعاملة بين اليهودى وغير اليهودى كما هومعروف، على حين أن أخلاق الإسلام هى أخلاق إنسانية الطابع، ومن ثم لا تجعل للاعتبار الدينى محلا فى تأدية الحقوق إلى أصحابها أو عمل الخير للآخرين؟ ثم إن الإسلام لا يكتفى بالكلام المنمق الجميل الذى لا يؤكِّل عيشا، بل يضع له الإطار التطبيقى كما هو الحال مثلا فى الزكاة والصدقات غير مكتف بالحديث عن ضرورة رحمة الفقير والمسكين، بل يُتْبِعه بتنظيم هذه الدعوة وجعل تنفيذها فريضة دينية يحاسَب الشخص على تأديتها أو إهمالها. وأين هذا فى اليهودية أو النصرانية؟ وعلى أية حال فإن أمم الغرب ماضية منذ قرون فى الاعتداء على المسلمين وتقتيلهم وتدمير بلادهم وحضارتهم، وفى القرن المنصرم أنشأوا لليهود دولة فى قلب العالم العربى. نعم لليهود، الذين يتهمونهم بقتل المسيح، لا لشىء سوى نكاية المسلمين وإفساد حياتهم حاضرا ومستقبلا. إى نعم لليهود، الذين يقول العهد الجديد، وهو الكتاب المقدس لدى صاحب المقال الذى بين أيدينا، عن شيوخهم وكهنتهم وعما صنعوه مع المسيح عليه السلام: "وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ يَطْلُبُونَ شَهَادَةَ زُورٍ عَلَى يَسُوعَ لِكَيْ يَقْتُلُوهُ" (متى/ 26/ 59). أما إذا كان يريد الإيماء إلى موعظة الجبل وما فيها من كلام مثالى مغرق فى المثالية فإننا نسأله: أين يا ترى يمكننا أن نعثر على ما يجعلنا نصدّق قدرة أى إنسان أو أية جماعة على تطبيق ما جاء فى تلك الموعظة؟ أما أخلاق الإسلام فإنها تجمع بين المثالية وشىء من الواقعية، ولهذا كانت أقمن أن ينفذها أتباعها بسهولة لا تتوفر لغيرهم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير