تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وَآخَرُ يُمَنْطِقُكَ، وَيَحْمِلُكَ حَيْثُ لاَ تَشَاء. 19قَالَ هَذَا مُشِيرًا إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يُمَجِّدَ اللَّهَ بِهَا. وَلَمَّا قَالَ هَذَا قَالَ لَهُ: اتْبَعْنِي. 20فَالْتَفَتَ بُطْرُسُ وَنَظَرَ التِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ يَتْبَعُهُ، وَهُوَ أَيْضًا الَّذِي اتَّكَأَ عَلَى صَدْرِهِ وَقْتَ الْعَشَاءِ، وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، مَنْ هُوَ الَّذِي يُسَلِّمُكَ؟ 21فَلَمَّا رَأَى بُطْرُسُ هَذَا قَالَ لِيَسُوعَ: يَا رَبُّ، وَهَذَا مَا لَهُ؟ 22قَالَ لَهُ يَسُوعُ: إِنْ كُنْتُ أَشَاءُ أَنَّهُ يَبْقَى حَتَّى أَجِيءَ، فَمَاذَا لَكَ؟ اتْبَعْنِي أَنْتَ!. 23فَذَاعَ هَذَا الْقَوْلُ بَيْنَ الإِخْوَةِ: إِنَّ ذَلِكَ التِّلْمِيذَ لاَ يَمُوتُ. وَلَكِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ يَسُوعُ إِنَّهُ لاَ يَمُوتُ، بَلْ: إِنْ كُنْتُ أَشَاءُ أَنَّهُ يَبْقَى حَتَّى أَجِيءَ، فَمَاذَا لَكَ؟ 24هَذَا هُوَ التِّلْمِيذُ الَّذِي يَشْهَدُ بِهَذَا وَكَتَبَ هَذَا. وَنَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ حَقٌّ.25وَأَشْيَاءُ أُخَرُ كَثِيرَةٌ صَنَعَهَا يَسُوعُ، إِنْ كُتِبَتْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، فَلَسْتُ أَظُنُّ أَنَّ الْعَالَمَ نَفْسَهُ يَسَعُ الْكُتُبَ الْمَكْتُوبَةَ. آمِينَ".

ونحن هنا مع حكاية أخرى. ولم لا، والتسلية لا تضر، وبخاصة هذه الأيام النحسات، فها هو ذا المسيح يأتى بنفسه دون سابق إنذار فيقف بين التلاميذ ويعرّفهم بنفسه. والثالثة أن المسيح قد أخذ يد توما وجعله يَجُسّ يده وجنبه حتى يطمئن ويؤمن، ثم لم يتركه دون أن يغمزه غمزة من إياها فينعته بضعف الإيمان كالعادة!

ومن ضمن ما قالته تلك المسكينة أن الإسلام يسمى البشر: عباد الله، أما فى النصرانية فهم أبناؤه وبناته كما أفهمها القساوسة. وهى ترفض أن تكون أَمَة لله، وتريد أن تكون ابنة له حرة تتمتع بشخصية مستقلة. وتعليقا على هذا نقول إن هناك فرقا بين لفظ "العبد" حين يضاف إلى الله، ولفظ "العبد" هو ذاته لدن إضافته إلى أحد من البشر: الأول يُجْمَع على "عِبَاد"، أما الثانى فعلى "عبيد" أو عُبْدَان". وهذا الفرق فى الصيغة الجمعية يعكس فرقا فى المعنى، إذ عبد البشر يعنى أنهم قد اشتروه وأنهم من ثم يملكونه، وعليه أن يصدع بالأمر الذى يصدرونه إليه دون مناقشة فيخدمهم ويلبى لهم مطالبهم دون تذمر، ووقته ملك لهم فى المقام الأول لا له، وهو أدنى منهم فى الدرجة الاجتماعية، وربما الإنسانية أيضا. وإذا كانت أنثى فيحق لسيدها أن يعاشرها ... إلى آخر ما نعرف عن العبد والعبدة (أو الأَمَة) بهذا المعنى. أما عبد الله فإن الله لا يشتريه ولا يملكه كما يملك البشر شخصا أو شيئا، بل هو خالقه ورازقه الذى ينبغى للبشر أن يؤدوا له واجب العبادة. أم ترى النصرانية ليس فيها عبادة؟ أرأى القراء كيف يتلاعب الأباليس بالألفاظ ويلبّسون على السذّج دينهم؟ كما أنه سبحانه لا يعاشر أحدا من خلقه. ومن ثم فإن "عبد الله" أقرب إلى أن يكون معناه خلق الله الذى ينبغى له أن يعبده سبحانه تأدية لواجب الحمد والتمجيد. ثم إنه سبحانه حين يأمرنا بشىء أو ينهانا عن شىء فإنه عز شأنه لا يريد منا أن نفعل ذلك عن إجبار وكراهية ودون فهم، بل عن تعقل وتدبر واقتناع وحب. لقد وهبنا سبحانه العقل والإرادة الحرة، وعلينا الاستعانة بهما فى التدبر والقبول أو الرفض، وعلينا كذلك تحمل مسؤولية الطاعة والمعصية، والإيمان والكفر.

وعلى أية حال فإن الإسلام لا ينفرد باستخدام هذا اللفظ للبشر، ففى العبرية نجد كلمة "عابد"، ومعناها حسبما نجد فى "دائرة المعارف الكتابية" هو "عبد"، وهذا نص ما جاء فى الموسوعة المذكورة تحت عنوان "عابد": "عابد: اسم عبري معناه "عبد"، ولعله اختصار لاسم "عبد إيل"، أي عبد الله". وفى كثير من أسفار العهد القديم يتكرر وصف الله سبحانه لإبراهيم ويعقوب وموسى وداود وأيوب ونبوخذنصر وزربّابل بـ"عَبْدِى"، أو "عَبْده". وفى "أخبار الأيام الأول" و"دانيال" و"رؤيا يوحنا اللاهوتى" وُصِف موسى عليه السلام بأنه "عبد الله"، وهو ذات اللقب الذى وُصِف به النبى دانيال فى السفر الأخير. أما فى أسفار "التثنية" و"يشوع" و"أخبار الأيام الثانى" فقد تكرر وصف موسى مرات بأنه "عَبْد الرب"، وكذلك وُصِف يشوع فى السفر الأخير بنفس اللقب

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير