تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بالعبادات والتشريعات، بينما العلوم الطبيعية تختص باكتشاف قوانين الكون وصناعة المخترعات المختلفة، فلا تعارض من ثم بين المجالين كما يتوهم أبو زيد أو يريد أن يوهمنا. وعلى هذا فكل ما قاله فى ذلك الموضوع هو ضجيج فارغ لا جدوى منه، ودعك من الإزعاج الذى يسببه لنا ذلك الضجيج.

ولقد كتب أحد المتحمسين لنصر أبو زيد، وهو غسان أبو حمد، مقالا ركيك الأسلوب سقيم الفكر فى جريدة "البناء" الفلسطينية فى 7 تموز 2010م بعنوان "نصر حامد أبو زيد ابن رشد المرحلة! دفع ثمن استخدامه العقل أداة لفهم الموروثالديني" جاء فى بدايته ما نصه: "نصر حامد أبو زيد، حياته كما وفاته إستمرت عرضة للجدل بين رجال دين متمسكين بأصولية النصّالديني وبين مفكّرين عرب: أساتذة أو قل: فلاسفة في العلوم الدينية، شاؤوا الإبحار بعيدا عن النصّ في محاولة منهم للإنطلاق نحو رحاب الشمولية"، وهو ما يؤكد ما قلناه عن اتجاه الرجل. وفى هذا المقال، مثلما لاحظنا فى مقالات كثيرة، يشبَّه د. نصر بابن رشد. فهل كان ابن رشد ثائرا على النصوص الدينية من قرآن وحديث يدعو إلى التحرر منها ونبذها خلف الظهر؟ لقد كان رحمه الله فقيها قاضيا يحكم بالشريعة، أى بالنصوص الدينية التى يظن كاتب المقال عن جهل ونزق أن الفيلسوف الأندلسى كان متمردا عليها. وله كتاب مشهور فى الفقه كان يستعين به فى إصدار الأحكام القضائية اسمه: "بداية المجتهد ونهاية المقتصد". وهو ما يعطى القارئ فكرة عن نوعية المدافعين عن نصر أبو زيد، فهم يشقشقون بما لا يعقلون. وكان ابن رشد يؤكد أنه لا تعارض بين الدين والفلسفة، بما يدل على أنه كان ينطلق من النصوص الدينية ولا يدعو إلى الثورة عليها. وكتاباه: "مناهج الأدلة" و"فصل المقال" ينمان عن إيمان بالله سبحانه وباليوم الآخر وبالقرآن الكريم وبالرسول الذى أتى به. أقول هذا لأن الببغاوات يظنون أنه، رحمه الله، كان متمردا على الإسلام، ولذلك يمجدونه. وهم فى هذا إنما يرددون ما كان بعض الأوربيين فى عصر النهضة يقولونه عنه، وما أكثر من فى الحبس من مظاليم! وكان هناك مدرس يحاضرنا فى الجامعة فى مادة "الفلسفة الإسلامية"، ويلح فى محاضراته على هذا المعنى، فكنت أذهب إلى المكتبة وأرجع إلى ابن رشد فألفيه رجلا مسلما صيحح الإسلام، فأسأله فى المحاضرة: كيف تقول هذا عنه يا دكتور، وكتابا "مناهج الأدلة" و"فصل المقال" يقولان عكس ما تدعى عليه؟ فيجيبنى بأن آراءه الحقيقية موجودة فى شرحه لأرسطو. وكان هذا الموقف ولا يزال مبعث استغراب عندى، إذ المعروف أن ناقل الكفر ليس بكافر، فمن باب الأولى أن نقول إن شارح الكفر ليس بكافر أيضا، بغض النظر عن عقيدة أرسطو فى حد ذاتها، فهذه مسألة أخرى. ولكيلا يرى القراء كيف يخلط بعض الناس الأمور خلطا ويقلبونهاعن حقيقتها ألفت انتباههم إلى أنه فى الوقت الذى كتب فيه محرر مادة "" فى النسخة الإنجليزية من موسوعة "الويكبيديا" المشباكية أن من مبادئ الرشدية فى أوربا عصر النهضة " resurrection of the dead (http://en.wikipedia.org/wiki/Resurrection)"، أى البعث وإعادة الموتى إلى الحياة من جديد، نرى محرر المادة فى النسخة العربية من ذات الموسوعة، رغم أنه لم يفعل شيئا سوى ترجمة هذه المبادئ من النسخة الإنجليزية إلى العربية، يحول هذا المبدأ إلى عكسه تماما فيورد، بين الأفكار الرئيسية لمذهب الرشدية، أن "إحياء الموتى غير ممكن". فانظر وتأمل.

وفى الصفحة الثالثة والستين من كتاب "نقد الخطاب الدينى" يزعم نصر أبو زيد بجرأةٍ متغشمرةٍ أن جوهر العلمانية ليس شيئا آخر سوى التأويل الحقيقى والفهم العلمى للدين. والواقع أن هذا كلام ما أنزل الله به من سلطان، فالعلمانية حسب التعريفات المخلتفة لها فى الغرب هى، طبقا لما جاء فى المادة المخصصة لها فى "الويكيبيديا كالآتى: "العَلْمَانِيَّة: ترجمة غير دقيقة بل غير صحيحة لكلمة " Secularism" في الإنجليزية، أو " Sécularité" أو " laïque" بالفرنسية. وهي كلمة لا علاقة لها بلفظ "العِلْم" ومشتقاته على الإطلاق، فالعِلْم في الإنجليزية والفرنسية يعبَّر عنه بكلمة " Science"، والمذهب العِلْمِي نُطلق عليه كلمة " Scientism"، والنسبة إلى العِلْم هي " Scientific" أو " Scientifique" في الفرنسية، والترجمة الصحيحة للكلمة هي "الدنيوية"، لا بمعنى

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير