تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كما يقول في الكتاب ذاته: (لقد صار القرآن هو نص بألف ولام العهد) وكذلك يقول: (هو النص المهيمن والمسيطر في الثقافة)، بل يؤكد هذه الرؤية في مجموعة دراسات تحت عنوان النص السلطة الحقيقة، إذ يقول: (فالنص نفسه -القرآن- يؤسس ذاته دينًا وتراثًا في الوقت نفسه)، وهو بهذا يرد على الأتباع العقلانيين الذين يزعمون أنه يقصد بالنص التأويلات والتفسيرات، بل إن نصر أبو زيد يمضي في كشف مبتغاها في تقرير بشرية النص الديني ونزع المرجعية عنه، ففي كتابه الإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجية الوسطية، يقول: (وقد آن أوان المراجعة والانتقال إلى مرحلة التحرر لا من سلطة النصوص وحدها بل من كل سلطة تعوق مسيرة الإنسان في عالمنا علينا أن نقوم بهذا الآن وفورا قبل أن يجرفنا الطوفان). وهو بهذا يتفق مع أصحاب المنهج المادي (الماركسي) التاريخي في الموقف من الإسلام والتعامل مع نصوصه المقدسة. أما موقف نصر أبو زيد من السنة النبوية فيأتي مكملاً لموقفه من القرآن الكريم، فهو يراها (اجتهاداً بشرياً) من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم وليست (وحياً)، وأن الالتزام بها إهدار لبشرية الرسول عليه الصلاة والسلام، بل رفعه إلى درجة التأليه؛ لذا هو يشنع على الصحابة الكرام لأنهم برأيه يؤلهون الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو هنا يتساوى مع القرآنيين في موقفه من السنة النبوية.

بعد هذا الاستعراض المقتضب لمحور فكر نصر أبو زيد أشير إلى موقف (الأتباع العقلانيين) الذين جسدوه في مقالاتهم وتصريحاتهم الصحافية. يقول أحد الكتاب: (إن تأثير نصر حامد أبو زيد يأتي من خلال الهزة الكبيرة التي أحدثتها أطروحاته خلال ثلاثة عقود)، والهزة هنا بتقويمها الإيجابي، ويقول الإعلامي اللامع: (رحل نصر والذارفون دموعاً عليه لا يمكن إحصاؤهم فهو أشعل قنديلاً من النور في قلب الظلام الحالك) هكذا يقرر أن واقعنا الفكري منذ نزول الوحي وحتى يومنا هذا (ظلام حالك) وأن نصر أبو زيد الذي يقرر بشرية القرآن قد أشعل النور، بل إن هذا الإعلامي لم يتوان عن اتهام الذين وقفوا ضد أفكار نصر أبو زيد بأنهم حاقدون ومزايدون على الدين. كما يزعم أحد النقاد في أحد الأندية الأدبية أن نصر أبو زيد لم يتجاوز محاولة تطوير ما يسمى علم التفسير، وهو هنا لا يختلف عن أحد كتابنا الذي يقول عن نصر أبو زيد إنه أحد أهم المفكرين العرب الذين قدموا قراءة جديدة للنص. وهذا تسطيح واضح فهل تطوير التفسير أو القراءة الجديدة يكون بنزع القداسة عن القرآن الكريم؟!! أيضاً لليسار العرب حظهم في بكاء المفكر التنويري .. فهذا أحد أقطابهم يقول: (لقد خسر الفكر الإسلامي والمفكرون الإسلاميون بوفاة نصر حامد أبو زيد خسارة لا يمكن تعويضها).

ما سبق يذكرني بذلك الدرس الفكري الرصين الذي قدمه الدكتور حسن الهويمل لأحد شبابنا المتحمسين من كتاب هذا الوطن عن (منهج وأفكار نصر أبو زيد) على خلفية حوار دار بين الهويمل وذلك الكاتب السابح في مناهج العلمانيين في أمسية أدبية، عندما زعم أن منهج نصر أبو زيد لا يختلف عن منهج المعتزلة العقلاني، فكشف له الدكتور الهويمل سطحية ثقافته التي لا تفرق بين المناهج العقلانية، وهي ذات الثقافة التي ما زالت تنتج الأتباع العقلانيين، الذين ينادون ب (عقل حر)، بينما عقولهم أسرى لدى مفكري العرب الذين يقتاتون على موائد الغرب الفكرية.

المصدر ( http://groups.google.com.sa/group/azizkasem/browse_thread/thread/a287ed6fbcb57269)

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير