تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بانتظار تعليقاتكم وملاحظاتكم .... وخصوصاً المهتمين والمختصين بعلوم اللغة.

وبارك الله فيكم.

ـ[عبد القادر يثرب]ــــــــ[29 Mar 2006, 04:34 ص]ـ

أولاً- يجب التفريق بين قول القائل: دخلت المسجد من الباب، وقوله: دخلت في المسجد من الباب؛ لأن الأول يتعدى إلى المفعول بنفسه، والثاني يتعدى إلى المفعول بأداة الجر (في). والمفعول في الموضعين هو (المسجد) .. أما (الباب) في الموضعين فهو اسم مجرور بـ (من)، وهي هنا لابتداء الغاية المكانية.

ثانياً- الفعل (دخل) يتعدى إلى المفعول بـ (في)، ولا يتعدى بـ (من)؛ لأن المجرور بـ (من) ليس مفعولاً في المعنى، بخلاف المجرور بـ (في). والذي يتعدى بـ (من) هو الفعل (خرج) نقيض (دخل). يقال: دخلت في الكوفة، وخرجت منها.

ثالثاً- الدخول يعني: الانتقال من مكان بسيط من الأرض إلى مكان منها غير بسيط. فإذا كان المنقول إليه مكانًا غير مختصٍّ، وجب إدخال (في) قبله. وإذا كان مكانًا مختصًّا، جاز إدخال (في) قبله، وجاز إسقاطها. وإسقاطها أبلغ من إدخالها، لما فيه من دلالة على سرعة الدخول.

ومثال الأول قولك: دخل في عالم الغيب. ومثال الثاني قولك: دخل في المسجد، ودخل المسجد.

وعلى الأول جاء قوله تعالى: (ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم) (الأعراف/ 38) - (وأدخلني في عبادك الصالحين) (النمل/19). فهنا لا يحوز إسقاط (في)؛ لأن ما بعدها مكان غير مختص.

وعلى الثاني جاء قوله تعالى: (ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ) (المائدة/ 21) - (ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (النحل/ 32). فلو قيل: ادخلوا في الأرض المقدسة، وادخلوا في الجنة، لكان ذلك جائزاً؛ لأن كلاًّ من الأرض والجنة مكان مختص.

وقد اجتمع ذكر (في)، وإسقاطها في قوله تعالى: (فادخلي في عبادي* وادخلي جنتي) (الفجر/29 - 30).

رابعاً- قوله تعالى: (فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ) (النحل/29) ليس كقوله تعالى: (وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ) (يوسف/67)؛ لأن الأبواب في الأول مفعول به، وهي المدخول فيه. ولهذا قال المفسرون: المعنى: فادخلوا جهنم .. وأصل الكلام: ادخلوا جهنم من أبوابها. فقدمت الأبواب على (جهنم) بعد إسقاط (من)، وحلت محلها في المعنى، وفي الإعراب. ويقاس على ذلك بقية الآيات. والدليل قوله تعالى عقب ذلك: (فَلَبِئْسَ مَثْوَى ?لْمُتَكَبِّرِينَ) (النحل/29)، فقال: مثوى وهو مكان يراد به جهنم، لا أبوابها.

أما الأبواب الثانية في آية يوسف فهي اسم مجرور، والمفعول به محذوف، تقديره: ادخلوا مصر من أبواب متفرقة. ومن قبلها لابتداء الغاية المكانية.

وبذلك يتضح الفرق بين قول القائل: ادخلوا الباب .. وقوله: ادخلوا من الباب. فالأول دخول في الباب، والثاني دخول من الباب .. ولهذا يجوز في الأول: دخلت في الباب.

قال تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ) (البقرة/ 58).

والمعنى: ادخلوا في هذه القرية ... وادخلوا في الباب سجداً. ثم أسقطت (في) تنبيهاً على سرعة الدخول .. وإنما جاز ذلك في القرية والباب؛ لأن كلاًّ منهما مكان مختص. وجاز ذلك في الباب: لأنه في معنى القرية .. والدليل قوله تعالى: (?دْخُلُواْ عَلَيْهِمُ ?لْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ) (المائدة/ 32)، فقال: دخلتموه. والمراد: دخلتم فيه .. والله تعالى أعلم!!!

ـ[روضة]ــــــــ[29 Mar 2006, 06:17 ص]ـ

زادكم الله علماً على علم .. كلامكم مفيد جداً وقوي، أفادني كثيراً، فجزاكم الله خيراً.

ـ[عبد القادر يثرب]ــــــــ[29 Mar 2006, 09:10 ص]ـ

وجزاك أنت أيضاً أختي الكريمة ..

(وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)!!!

ـ[خالد- طالب علم]ــــــــ[29 Mar 2006, 11:26 م]ـ

جزى الله الأستاذ الفاضل عبد القادر خير الجزاء على هذا الجواب، وزاده علماً. وإن أسلوبه في عرض المسائل، والاستدلال لها ليذكرني بأسلوب أستاذنا الكبير محمد إسماعيل عتوك حفظه الله؛ فقد تعلمنا منه الكثير .. وأود أن أضيف إلى ما ذكره فضيلته:

أن الفعل (دخل) كما يتعدى بـ (في)، فكذلك يتعدى بـ (إلى). يقال: دخل في البيت .. ودخل إلى البيت .. والأول هو الأصل، وهو الأكثر في الاستعمال .. والفرق بينهما هو الفرق بين (في) الدالة على الظرفية، و (إلى) الدالة على انتهاء الغاية. وهذا يعني: أن البيت في المثال الأول هو مظروف للدخول، وليس كذلك البيت في المثال الثاني.

وشيء آخر، وهو أنه إذا قيل: دخل البيت، أو المسجد، أو المدينة، فإن كثيرًا من يذهب إلى أن المنصوب بعد فعل الدخول منصوب على الظرفية المكانية .. وليس كذلك؛ لأن من شروط الظرف أن يكون مبهماً، وهذه الأسماء الدالة على المكان هي أسماء مختصة .. ولهذا لا يجوز انتصابها على الظرفية؛ وإنما هي منصوبة بإسقاط الجار. أي: بنزع الخافض. وتعرب مفعولاً به توسُّعاً.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير