تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

? (يوسف: 100) بمعنى: لطف .. فيقول:

((وأما نقل الكلمة فهو تأولك (أَحْسَنَ بَي) على لطف بي، وإنما حملك على ذلك أنك وجدت أحسن يتعدّى بإلى في مثل قول القائل: قد أحسنت إليه ولا يقول قد أحسنت بي، وجهلت أن الفعل قد يتعدّى بعدّة من حروف الجرّ على مقدار المعنى المراد من وقوع الفعل، لأن هذه المعاني كائنة في الفعل وإنما يثيرها ويظهرها حروف الجرّ، وذلك أنك إذا قلت: خرجت، فأردت أن تبيّن أن خروجك مقارن لاستعلائك قلت: خرجت على الدابّة، فإن أردت المجاوزة للمكان قلت: خرجت عن الدار، وإن أردت الصحبة قلت: خرجت بسلاحي ... فقد وضح بهذا أنه ليس يلزم في كل فعل أن لا يتعدّى إلا بحرف واحد، ألا ترى أن (مررت) المشهور فيه أن يتعدّى بالباء، نحو: مررت به، وقد يتعدّى بإلى وعلى، وتقول: مررت إليه ومررت عليه، وكذلك قوله سبحانه (وَقَدْ أَحْسَنَ بي) ". (الأشباه والنظائر في النحو: 3/ 175 - 176))

ويتبين من أقوالك السابقة، ومن هذا القول الذي تستشهد به هنا على رأيك، الذي عقدتَ عليه خِنصرك منذ زمن- كما تقول- أنك حتى الآن لم تميِّز بين الفعل اللازم الذي يتعدى بحرف الجر، وبين الفعل المتعدي الذي يتعدى بنفسه .. مع أنني لفت نظرك إلى وجوب التفريق بينهما أكثر من مرة، وبينت لك الفرق بين الفعل (دخل)، والفعل (خرج)، و (ذهب)، و (مرَّ)، وأمثالها.

وقلت لك: إن هذه الأفعال تتعدى إلى المفعول بحرف الجر، وذكرت منها: الفعل (مرَّ) وذكرت أنه يتعدى بـ (على)، و (الباء)، ثم قلت: ويحذفون حرف الجر توسعًا، فيقولون: مررتك، وذكرت قول الشاعر:

تمرون الديار ...

وذكرت لك أن الفعل (دخل) ينقسم في الاستعمال اللغوي إلى ثلاثة أقسام، وشرحتها لك شرحًا وافيًا، لا تجده في كتب من تذكر، ولا في كتب غيرهم .. وقلت لك: إن الفعل (دخل) في نحو قوله تعالى:? ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم ? هو فعل لازم تعدى إلى المفعول بحرف الجر .. وإنه في نحو قوله تعالى:? فَادْخُلُواْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ ?، فعل متعد تعدى إلى المفعول بنفسه .. وقلت: إن ما صاحب الفعل بعد ذلك من حروف الجر فإنما هو لأغراض بلاغية يتطلبها السياق كالاستعلاء، والمصاحبة، والإلصاق .. وغيرها ..

وبينت: أن الفعل (دخل) إذا كان متعديًا بنفسه، لا يجوز أن يقال: إنه متعد بـ (على)؛ كما في قوله تعالى:? ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ?. فالفعل هنا متعد بنفسه إلى (الباب). وقد دل على ذلك عود الضمير في (دخلتموه) عليه .. والذين يفهمون أسرار البيان، ويعرفون جوهر الكلام، يفرقون:

بين قوله تعالى:? ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم ?، وقوله تعالى:? ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ?؛ لأن الفعل الأول لازم، تعدى إلى المفعول بـ (في)، والثاني متعد، تعدى إلى المفعول بنفسه.

وليس بعد هذا البيان بيان لمن أراد الهدى .. وأما من لم يرد فلن ينفع معه أي بيان مهما عظمت حجته.

السيوطي في النص السابق يذكر أفعالاً ثلاثة: (أحسن)، (خرج)، (مرَّ) .. وهذه أفعال لازمة تتعدى إلى المفعول بحرف الجر، ومثلها الفعل (دخل) اللازم، الذي يتعدى إلى المفعول بحرف الجر.

تقول: أحسن إليَّ .. وأحسن بي .. فتعدى إلى المفعول بـ (إلى)، و (الباء).

وتقول: خرج عليه .. وخرج عنه .. وخرج به .. فتعدى بـ (على)، و (عن)، و (الباء).

وتقول: مررت به .. ومررت عليه .. ومررت إليه .. فتعدى بـ (الباء)، و (على)، و (إلى).

وتقول: دخل في الشيء .. ودخل إلى الشيء .. فتعدى بـ (في)، و (إلى).

ليتك يا أستاذ لؤي تفرق بين هذا النوع من الأفعال، التي تتعدى إلى المفعول بوساطة حروف الجر، وهي التي يطلق عليها: (أفعال لازمة)، وبين الأفعال المتعدية إلى المفعول بأنفسها، فتريح نفسك وتريح غيرك .. وليتك تعلم أيضًا أن الباء في قوله تعالى:? وَقَدْ أَحْسَنَ بي ? ليست بمعنى (إلى) كما قال السيوطي .. وليس الفعل (أحسن) مضمنًا معنى (لطف) كما قال غيره؛ وإنما هو على أصله الذي استعملته فيه العرب والقرآن الكريم .. وأن الباء على أصلها من الدلالة على الإلصاق .. وليتك تتخذ لنفسك منهجًا، لم تقلد فيه غيرك ... وليتك تعيد إرسال بحث الدكتور الأنصاري بطريقة أخرى تمكنني من الدخول إليه، وفيه!!!

أقول قولي هذا، وأستغفر الله .. وأسأله سبحانه أن يلهمنا الصواب، ويرزقنا حسن الفهم لكلامه .. والحمد لله رب العالمين.

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[02 Apr 2006, 01:29 م]ـ

أستاذي الفاضل أبا الهيثم ..

أظنّ أنك في واد وأنا في واد .. فأسأل الله أن يجمع بين قلوبنا ..

وإليك رابط بحث الدكتور الأنصاري من جديد:

http://www.uqu.edu.sa/majalat/shariaramag/mag27/pdf/doc013.pdf

فإن لم تستطع الدخول إليه وفيه، فحاول على هذا الرابط:

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=5792

وأشكرك كل الشكر على ما بذلت من جهد ووقت ومعلومات ثمينة ..

فجزاك الله عني وعن كل قاريء خير الجزاء ..

ودمتم للعلم وطالبيه ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير