ـ[سعيد محمد الشهري]ــــــــ[13 Jun 2006, 10:19 م]ـ
الحلقة 51
قال تعالى (وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحساناً وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسناً وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلاً منكم وأنتم معرضون)
يذكر الله في هذه الآية طبع من طباع اليهود، وسجية لطالما تغلغلت في سلوكياتهم، وامتزجت بدمائهم، وظلت تلك النفوس في صلفها وعنادها، فكانت لا تستجيب لأوامر الله ولا تقبلها إلا بالأيمان المغلظة والعهود الموثقة، وذلك من شدة عنادهم وصلفهم، فيذكرهم الله بأسلافهم كيف أخذ منهم الميثاق ورضوا به وأخذه عليهم بأن يعبدوا الله عز وجل عبادة خالصة له سبحانه وتعالى، وهذا هو أصل الدين وبدون هذا الأصل لا يقبل الله الأعمال من الناس، ثم أمر بالإحسان للوالدين سواء بالقول والفعل، وجعل منزلة الوالدين والإحسان إليهما بعد عبادته سبحانه وتعالى تشريفاً لمنزلتهما، وتكريماً لقدرهما، وإحساناً لحضرتهما، وما أحوج الناس إلى معرفة هذا التشريع الرباني، والتكريم الإلهي للوالدين .. وللسعادة الأسرية في كنف الوالدين، وما أسعد البشرية حينما تمسكت بتعاليم ربها، وما أشقى العالم المادي الذي رفض التماسك الأسري، وأقام دوراً للعجزة وتخلى الناس عن والديهم، بل حتى وجد من يسب والديهن ويضربهم أعاذنا الله من ذلك، فالله يحث الإنسان على تقديس الحياة الأسرية، وتقديس دور الوالدين واحترامهما. ثم الإحسان إلى البشر، فالجميع أبناء آدم، فلا ضغائن بين الناس ولا أحقاد فالواجب مقابلة الإحسان بالإحسان، ومقابلة الإساءة بالصبر والإحسان أيضاً طالما الحق يتبع للإنسان. ويكون الإحسان إلى الناس بالقول الحسن وحسن المعاملة، والأخلاق الطيبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعليم العلم للناس وغيرها من الأمور التي فيها إسعاد البشرية والرقي بالمجتمع البشري إلى أعلى درجات التعاون والتعاضد بين أفراده وعلى اختلاف عقائده طالما المصالح دنيوية. ثم جاء الأمر الرباني بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة لما لهما من فضل في تزكية النفس، والصلة المتصلة بالرب تبارك وتعالى ومراقبته في السر والعلن. كل تلك الأوامر كانت موجهة لليهود السالفين ولكن ماذا كانت النتيجة تولى الكثير منهم وهم معرضون.
الوقفات
1 - عبادة الله وحده أصل الدين.
2 - الإحسان إلى الوالدين منزلته عظيمة في الإسلام.
3 - الصلاة والزكاة كانت ولا زالت قرينتان وركنان أساسيان من أركان الدين.
ـ[سعيد محمد الشهري]ــــــــ[14 Jun 2006, 08:59 م]ـ
الحلقة 52
قال تعالى (وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وانتم تشهدون، ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقاً منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزيٌ في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون)
هذه خلة من خلات اليهود التي اتصفت بها نفوسهم، حيث أبت إلا الإعراض عن منهج الله، وعرفت الحق وأعرضت عنه، وعرفت الباطل فغرقت فيه إنها نفوس بعض القبائل اليهود وهم بنو قريظة. وبنو النظير، وبنو قينقاع حينما جاءوا إلى المدينة، بعضهم تحالف مع الأوس، والبعض الآخر تحالف مع الخزرج وكانوا قبل مبعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مشركين فكانوا إذا تقاتلت قبيلتان قاتل مع كل طرف أفراد من اليهود، فيقتل اليهودي اليهودي، ويخرجه من أرضه إذا حصل جلاء ونهب، ثم إذا انتهت المعارك وحل السلم يتفادون بالأسارى وكل عملهم ذلك محرم سواء القتل، أو فداء الأسير، فكانوا يعملون بافتداء الأسرى، ويقتلون إخوانهم في العقيدة ويخرجونهم من أرضهم، فجزءوا العقيدة، وقسموا التشريع على أهواءهم، ورغباتهم، فيا لبئس الإيمان هو أن يؤمن العبد بجزء، ويكره جزءاً آخر (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) فيا لبئس الحال الذي غرقوا في أوحاله من الضلال والعمى، فجازاهم الله على ذلك الأمر الشنيع بالخزي في الحياة الدنيا، أما في الآخرة فلهم اشد العذاب، فلا يحسبون أن الله غافل عن أعمالهم، ولقد أكرم الله قبيلتي الأوس والخزرج بالبعثة النبوية المحمدية فسموا بعد ذلك بالأنصار فقد سلطهم الله على تلك القبائل اليهودية فقتل من قتل وسبي من سبي منهم وأجلي من أجلي وهذا هو العذاب والخزي الذي تعهد الله به لهم، ذلك لأنهم كانوا يعتقدون أن التحالفات الدنيوية سوف تغني عنهم في الحياة الدنيا، ويعيشوا في شيء من السلم في ظل التحالفات الدنيوية ونسوا ألآخرة وخالفوا أمر ربهم فبذلك سينالوا عذاب الدارين أعاذنا الله.
الوقفات
1 - يؤخذ دين الله كاملاً ولا يجزأ.
2 - شرعية تبادل ألأسرى في الحروب.
3 - العذاب الدنيوي إلباس الذلة والهزيمة على العاصي.
4 - لا ناصر لعبد من عذاب الله إذا استحقه.
5 - بئس حال من استبدل آخرته بمتاع دنيوي زائل.
¥