تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لقد أدرك بعض الفقهاء ارتباط تحريم التصوير بالظروف الموضوعية, لذلك ذهبوا الى حمل الحديث بما يتناسب مع الظرف الاجتماعي والفكري الذي كان قائما, وادركوا انه لا يمكن بأي حال من الاحوال ان نعمّم هذا الموضوع. جاء في كتاب فقه السنة لسيد سابق:

قال الطحاوي من أئمة الاحناف: "انما نهى الشارع اولا عن الصور كلها, وان كانت رقما, لأنهم حديثي عهد بعبادة الصور فنهى عن ذلك جملة, ثم لما تقرر نهيه عن ذلك أباح ما كان رقما في ثوب للضرورة الى اتخاذ الثياب وأباح ما يمتهن, لأنه لا يأمن على الجاهل تعظيم ما يمتهن. وبقي النهي فيما لا يمتهن. أهـ" (فقه السنة – سيد سابق – ج3 ص369 - 370) ورغم التحفّظ على هذا القول, الاّ اننا نجد انه يؤنس فيما ذهبنا اليه من ان الحديث له ظرفيته وخصوصيته .. ثم لو كانت التصوير بهذه الخطورة, لكان الاولى ان ينزل بذلك قرآنا, فقد نزل قرآنا فيما هو اقل من ذلك كشرب الخمر والميسر والاستئذان .. الاّ اننا نقول ان الرسول قد حرّم التماثيل لما مثّلته من واقع شرك, فان انتفى الواقع عادت الامور الى نصابها في الاباحة ...

هناك ملاحظة مهمة وهي ان الجزيرة العربية لم تكن معروفة بصنع التماثيل, بل ان معظم ان لم نقل كل تماثيلها كانت مستوردة كما كان الحال مع عمرو بن لحي؛ ثم ان الرجل الذي جاء يسأل ابن عباس كان من العراق؛ يضاف الى ذلك ان عددا كبيرا من التماثيل لم يكن على صورة انسان كذات انواط (شجرة) وذي الخلصة (بيت) وسعد (صخرة طويلة) واللات (صخرة مربعة.

المستوى الثاني: الترف والإسراف

ثم ان عائشة رضي الله عنها تنفي ان تكون قد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث: ان الملائكة لا تدخل بيوتا فيها صورة او كلب.

جاء في صحيح مسلم ما نصه:

قال فأتيت عائشة فقلت إن هذا يخبرني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثم لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا تماثيل فهل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك فقالت لا ولكن سأحدثكم ما رأيته فعل رأيته خرج في غزاته فأخذت نماطا فسترته على الباب فلما قدم فرأى النمط عرفت الكراهية في وجهه فجذبه حتى هتكه أو قطعه وقال إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين قالت فقطعنا منه وسادتين وحشوتهما ليفا فلم يعب ذلك علي (مسلم)

وقد يذهب البعض الى ان هذا لا يدل على شيء, فقد تكون عائشة رضي الله عنها لم تسمع الحديث عن الرسول, لكن غيرها من الصحابة سمعه. هذا صحيح, لكن يجب ان لا ننسى انها زوجة من زوجاته صلى الله عليه وسلم وانها صاحبة بيت من بيوته صلى الله عليه وسلم, وقد وردت الاحاديث عن عائشة انها وضعت التصاوير مرارا وتكرارا, وفي كل مرة كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهاها لم يكن يذكر لها هذا الحديث: ان الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب ولا تماثيل.

ولنستعرض الاحاديث, ثم نعقبها بتعليق:

1. وروى الترمذى عن عائشة قالت كان لنا قرام ستر فيه تماثيل على بابى فرءاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال انزعيه فانه يذكرني الدنيا (تفسير الثعلبي ج3 ص185)

2. قال فأتيت عائشة فقلت إن هذا يخبرني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا تماثيل فهل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك فقالت لا ولكن سأحدثكم ما رأيته فعل رأيته خرج في غزاته فأخذت نماطا فسترته على الباب فلما قدم فرأى النمط عرفت الكراهية في وجهه فجذبه حتى هتكه أو قطعه وقال إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين قالت فقطعنا منه وسادتين وحشوتهما ليفا فلم يعب ذلك علي (مسلم)

3. حدثني زهير بن حرب حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن داود عن عزرة عن حميد بن عبد الرحمن عن سعد بن هشام عن عائشة قالت كان لنا ستر فيه تمثال طائر وكان الداخل إذا دخل استقبله فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم حولي هذا فإني كلما دخلت فرأيته ذكرت الدنيا قالت وكانت لنا قطيفة كنا نقول علمها حرير فكنا نلبسها (مسلم)

4. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت على بابي درنوكا فيه الخيل ذوات الأجنحة فأمرني فنزعته

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير