4 - : أما علمتِ أنَّ الملائكة لا تدخلُ بيتاً فيه صورة؟ وأنَّ من صنعَ الصورةَ يُعذَّب يومَ القيامةِ فيقول: أحْيُوا ما خلقتم
انه من الصعوبة بمكان ان يذهب الى تجويز الصور من روى هذه الروايات عن الرسول صلى الله عليه وسلم بالحرفية المنصوص عليها.
ثانيا: هنالك روايتان ينتهي سندهما بعبد الله بن عباس. وقد جاء في مسند الامام احمد:
1 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا ابن أبي ذئب عن شعبة قال: دخل المسور بن مخرمة على ابن عباس يعوده في مرضه, فرأى عليه ثوب استبرق وبين يديه كانون عليه تماثيل, فقال له: يا ابا عباس: ما هذا الثوب الذي عليك؟ قال: وما هو؟ قال: استبرق, قال والله ما علمت به, وما أظن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه الا للتجبر والتكبر, ولسنا بحمد الله كذلك, قال: فما هذا الكانون الذي عليه الصور؟ قال ابن عباس: الا ترى كيف احرقناها بالنار
2 - حدثنا عبد الله حدَّثني أبي ثنا أبو النضر عن ابن أبي ذئب عن شعبة: «أن المسور بن مخرمة دخل على ابن عباس يعوده من وجع، وعليه برد إستبرق، فقلت: يا أبا عباس، ما هذا الثوب؟ قال: وما هو؟ قال: هذا الإستبرق، قال: والله ما علمت به وما أظن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا حين نهى عنه إلا للتجبر والتكبر، ولسنا بحمد الله كذلك، قال: ما هذا التصاوير في الكانون؟ قال: ألا ترى قد أحرقناها بالنار، فلما خرج المسور قال: انزعوا هذا الثوب عني، واقطعوا رؤوس هذه التماثيل، قالوا: يا أبا عباس، لو ذهبت بها إلى السوق كان أنفق لها مع الرأس، قال: لا، فأمر بقطع رؤوسها».
فكيف تستقيم هذه الروايات مع الاحاديث التي رواها ابن عباس رضي الله عنه؟
نختم هذا الفصل بالقول ان هناك روايات كثيرة عن الصحابة والفقهاء كلها تعارض ما جاء من الوعيد الشديد الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها بشأن التصاوير على البسط ..
جاء في مسند الامام احمد رضي الله عنه:
حدثنا حفص بن غياث حدثنا ليث قال دخلت على سالم بن عبد الله وهو متكىء على وسادة فيها تماثيل طير ووحش فقلت أليس هذا يكره قال لا إنما يكره ما نصب نصبا ...
وجاء في كتاب الفقه على المذاهب الاربعة لعبد الرحمن الجزيري:
"الحنفية قالوا تصوير غير الحيوان من شجر ونحوه جائز, اما تصوير الحيوان فان كان على بساط او وسادة او ثوب مفروش او ورق فانه جائز" (2\ 39) وهذا القول يتعارض مع الحديث ..
نقول:
أغلب الظن ان النهي كان لعلة اتخاذ الاصنام آلهة من دون الله وهذا ما تذهب اليه احاديث صريحة وان الوعيد الموجود في احاديث التصوير أربك الفقهاء والمحدّثين ولم يجدوا بدّا من تأويله وحمله على من أراد بصنع الاصنام ان تعبد من دون الله .. جاء في مسند الامام احمد:
عن علي قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فقال من يأتي المدينة فلا يدع قبرا الا سوّاه ولا صورة الا طلخها (اي لطخها بالطين) ولا وثنا الا كسره قال فقام رجل فقال أنا ثم هاب أهل المدينة فجلس قال علي رضي الله عنه فانطلقت ثم جئت فقلت يا رسول الله لم أدع بالمدينة قبرا الا سويته ولا صورة الا طلختها ولا وثنا الا كسرته قال فقال: من عاد فصنع شيئا من ذلك فقد كفر لما أنزل الله على محمد.
فالحديث يصرّح بأن من عاد الى تعظيم الاوثان او الصور فقد كفر, فواضح هنا ان المقصود من الصور هو ما عبد من دون الله عز وجل.
اما وعيد المصورين, فان هناك حديث آخر يبيّن ما قصد بالمصورين حيث يستخدم النص لفظ الممثلين وهم الذين يصنعون التماثيل, وواقع التماثيل كان معروفا لجهة اتخاذها الهة من دون الله.
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا أبان ثنا عاصم عن أبي وائل عن عبد الله ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتله نبي او قتل نبيا وإمام ضلالة وممثل من الممثلين (مسند احمد)
ان الربط بين الممثّل في هذا الحديث وبين من يقتل او يقتله نبي يكون مقبولا اذا حملناه على من قصد بالتصوير ما يعبد من دون الله, اما اذا حملنا ذلك على التصوير بحد ذاته فان ذلك أنكره المحدثون والفقهاء وحاولوا تأويل الحديث ..
¥