تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وظاهر سياق الآيات في سورة إبراهيم أَنَّ دعاء إبراهيم لأبيه كان في آخر حياة إبراهيم، لقوله في الآيات: {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ}، ثم إنه بعد هذا الدعاء دعا لأبيه فقال: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} فدلَّ على أَنَّ دعاءه لأبيه وقع في آخر حياته عليه السلام.

وفي قوله تعالى في سورة الممتحنة: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [الممتحنة:4]، دلالة واضحة على أَنَّ استغفاره كان بعد وفاة أبيه، لأنه لو كان في حياته لم يُمْنَعْ منه؛ لأنه يجوز الاستغفار ـ بمعنى طلب الإيمان ـ لأحياء المشركين.

ولم يأتِ في شيء من تلك الآيات التي تحكي لنا قصة إبراهيم أَنَّ الله تعالى نهاه عن الاستغفار لأبيه، ولم يأتِ في تلك الآيات أيضاً أَنَّ إبراهيم رجع لأبيه بعد اعتزاله له، بل الظاهر أنه لم يلقَ أباه بعد تلك المحاورة.

وبهذا يتبين أَنَّ إبراهيم الخليل عليه السلام لم يتبرأ من أبيه في حياته، بل لم يزل مستغفراً له حتى مات، ولم يزل مستغفراً له حتى بعد الممات، وأنه لن ينكشف له أنه عدو لله إلا في الآخرة حينما يلقاه فيطلب له الشفاعة فيُعْلِمُه الله تعالى بأنَّ الجنة حرام على الكافرين، ويمسخ أباه ذيخاً؛ فيعلم حينئذ أنه عدو لله ويتبرأ منه.

ومما يقوي كون التبري في الآخرة حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وَغَبَرَةٌ فَيَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لَا تَعْصِنِي؟ فَيَقُولُ أَبُوهُ: فَالْيَوْمَ لَا أَعْصِيكَ. فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ: يَا رَبِّ إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لَا تُخْزِيَنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ، فَأَيُّ خِزْيٍ أَخْزَى مِنْ أَبِي الْأَبْعَدِ؟ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنِّي حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ. ثُمَّ يُقَالُ: يَا إِبْرَاهِيمُ، مَا تَحْتَ رِجْلَيْكَ؟ فَيَنْظُرُ؛ فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ مُلْتَطِخٍ، فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ». رواه البخاري.

ـ[الجكني]ــــــــ[12 Oct 2006, 12:38 ص]ـ

فتح الله عليك أخي أحمد،واستوقفتني للتوّ كلمة"ذيخا" عند الطبري رحمه الله،ما المقصود بها؟ هل هو اسم أبي إبراهيم؟ وإذا كان كذلك فما الغرض عند الطبري بالتعبير به وعدم التعبير باللفظ القرآني (آزر) 0وشكراً0

ـ[منصور مهران]ــــــــ[12 Oct 2006, 01:54 ص]ـ

لم أجد عند الطبري مسألة مسخ والد إبراهيم (ذيخا)، وإنما الوارد فيه أنه في صورة قرد أو ضبع.

انظر الطبري ج 12 ص 32 - طبعة دار هجر بمصر.

ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[12 Oct 2006, 08:23 ص]ـ

الشيخ الكريم الجكني /

(الذيخ بكسر الذال المعجمة بعدها تحتانية ساكنة ثم خاء معجمة: ذكر الضّباع، وقيل لا يُقال له ذيخ إلا إذا كان كثير

الشّعر .. ) انظر: (فتح الباري: تحقيق عبد القادر الحمد): كتاب تفسير القرآن: 8/ 369

ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[12 Oct 2006, 10:00 ص]ـ

وفي كتب اللغة:

الذِّيخُ الذكرُ من الضّباع الكثير الشعر , والجمع أَذْياخ و ذُيوخٌ و ذِيَخَةٌ والأُنثى ذِيخة ; والجمع ذِيخات ولا يُكَسَّر ; قال جرير:

مثل الضبِّاعِ يَسُفْنَ ذِيخاً ذائخا

وفي حديث القيامة: وينظر الخليل , إِلى أَبيه فإِذا هو بذيِخٍ مُتَلَطِّخٍ الذِّيخُ ذَكَرُ الضِباعِ , وأَراد بالتَّلَطُّخ التَّلَطُّخَ برجيعه أَو بالطين , كما قال في الحديث الآخر: بِذيِخٍ أَمْدَرَ أَي متلطخٍ بالمَدَرِ. وفي حديث خُزَيمة: والذِّيخ مُحْرَ نْجِماً أَي أَن السَّنَة تركت ذكر الضباع مجتمعاً مُتَقَبِّضاً من شدّة الجَدْب. و الذِّيخُ قِنْوُ النخلة , حكاه كراع في الذال المعجمة وجمعه ذِيَخَةٌ , وقد تقدّم في الدال. ويقال: ذَيَّخَتِ النخلةُ إِذا لم تقبل الإِبارَ ولم تَعْقِدْ شيئاً. و ذَيَّخَه تَذْييخاً ذلله , حكاها أَبو عبيد وحده , والصواب الدال. وكان شمر يقول: دَيَّخْته ذللته , بالدال , من داخَ إِذا ذل. و الذِّيخُ الكِبْرِ. وفي حديث علي , رضوان الله عليه: كان الأَشْعَث ذا ذِيخٍ , حكاه الهروي في الغريبين. ويقال: في فلان ذِيخٌ أَي كِبْرٌ. و المَذْيَخَةُ الذِّئابُ. بلسان خَوْلانَ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير