تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والفعل المتعدي هو الفعل الذي ينصب بنفسه مفعولاً به أو اثنين أو ثلاثة من غير أن يحتاج إلى مساعدة حرف جر أو غيره مما يؤدي إلى تعدية الفعل اللازم).

أقول: إذا كنا في حديثنا عن التعدي واللزوم نردد هذا القول، فلأنه هو المشهور عن علماء النحو قديمًا وحديثًا .. ومما ينبغي معرفته والتنبيه عليه هنا:

أولاً- أن مصطلح (الفعل اللازم) يطلق على نوعين من الأفعال خلافًا للقول السابق:

النوع الأول: أن يكون من الأفعال التي لا تطلب مفعولاً به ألبتة. وذكر ابن هشام له علامات:

الأولى: أن يدل على حدوث ذات؛ كقولك: حدث أمر، وعرض سفر، ونبت الزرع، وحصل الخصب.

قال ابن هشام: (فإن قلت: فإنك تقول: حدث لي أمر، وعرض لي سفر. فعندي أن هذا الظرف صفة المرفوع المتأخر تقدم عليه، فصار حالاً، فتعلقه أولاً وآخرًا بمحذوف، وهو الكون المطلق. أو متعلق بالفعل المذكور على أنه مفعول لأجله، والكلام في المفعول به).

(ويعبِّر النحاة عن الجار والمجرور بالظرف)

والعلامة الثانية: أن يدل على حدوث صفة حسية؛ نحو قولك: طال الليل، وقصر النهار، وخلق الثوب ونظف وطهر ونجس.

والعلامة الثالثة: أن يكون على وزن (فعُل)، بضم العين؛ كظرف المرء، وشرف، وكرم، ولؤم.

والعلامة الرابعة: أن يكون على وزن (انفعل)؛ نحو قولك: انكسر الزجاج، وانصرف القوم.

والعلامة الخامسة: أن يدل على عرض؛ كمرض زيد، وفرح وأشر وبطر.

والعلامة السادسة والسابعة: أن يكون على وزن فعَل، بفتح العين، أو (فعِل)، بكسر العين، اللذين وصفهما على (فعيل)؛ كذلَّ فلان فهو ذليل، وسمن فهو سمين.

قال ابن هشام: (ويدل على أن ذلَّ فعَل- بالفتح- قولهم: يذِلُّ بالكسر. وقلت في نحو ذلَّ، احترازا من نحو بخل، فإنه يتعدى بالجار، تقول: بخل بكذا).

وقال أيضًا: (فإن قلت: وكذلك تقول: ذل بالضرب، وسمن بكذا. قلت: المجروران مفعول لأجله، لا مفعول به).

النوع الثاني: أن يكون من الأفعال، التي استغني عن مفعولها، لقصد العموم. وهذا النوع من الأفعال هو الذي يعبر عنه علماء النحو بـ (أنه نُزِّل منزلة الفعل اللازم)؛ كالفعل (أبصر)، في قوله تعالى:? ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ ? (البقرة:17). والفعل (شاء)، في نحو قوله تعالى:? وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ? (البقرة:20).

فقوله تعالى:? لَا يُبْصِرُونَ ? هو فعل متعد في الأصل؛ ولكن حذف مفعوله لقصد عموم نفي المبصرات، فتنزل الفعل منزلة اللازم، ولا يقدَّر له مفعول؛ كأنه قيل: لا إحساس بصر لهم.

وإلى هذا أشار الزمخشري بقوله:” والمفعول الساقط من? لاَّ يُبْصِرُونَ ? من قبيل المتروك المُطرَح، الذي لا يلتفت إلى إخطاره بالبال، لا من قبيل المقدر المنوي، كأنَّ الفعل غير متعدٍّ أصلاً؛ نحو? يَعْمَهُونَ ? في قوله تعالى:? وَيَذَرُهُمْ فِيْ طُغْيَـ?نِهِمْ يَعْمَهُونَ ? “.

وكذلك فعل المشيئة في نحو قوله تعالى:? لو شَاءَ اللهُ، لذَهَبَ بسَمْعِهِمْ ? فهذا فعل منزَّل منزلة اللازم، ولا يجوز أن يُصَرَّح بمفعوله، إلا في الشيء المستغرب؛ كما في قول الخُرَيْمي:

فلو شئت أن أبكي دمًا لبكيته ... غليك ولكن ساحة الصبر أوسع

فهنا لا يجوز حذف المفعول؛ لأنه لو حذف، وقيل: {فلو شئت أن أبكي لبكيت دمًا}، فإنه يحتمل تعليق المشيئة ببكاء الدمع، على مجرى العادة، وأن ما ذكره من بكاء الدم واقع بدله من غير قصد إليه؛ وكأنه قال: لو شئت أن أبكي دمعًا، لبكيت دمًا .. أقول: هذا المعنى محتمل، وإن كان تقييد البكاء في الجواب بالدم، يدل دلالة ظاهرة على أنه المراد؛ فإذا ذكر المفعول، زال هذا الاحتمال، وصار الكلام نصًّا فيما قصِد به.

وهذا القول ليس بجديد بالنسبة لي. ومن قرأ مقالي (مثل المنافقين) المنشور في شبكة التفسير، يجده مذكورًا عند تفسير الآيتين السابقتين. وإن كان من رأي آخر في التعدي واللزوم، فينبغي أن يكون هذا الرأي الذي يقوم على أنقاض الرأي الأول.

وأما مصطلح (الفعل المتعدي) فيطلق على كل فعل ذكر مفعوله في الجملة؛ سواء وقع عليه الفعل مباشرة، أو وقع عليه بوساطة حرف الجر. وهو أنواع سأكتفي بذكر ثلاثة منها:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير