ـ[ناصر]ــــــــ[30 Apr 2006, 04:59 ص]ـ
الأستاذ علال رجاءا النظر هنا ( http://www.tafsir.org/vb/showpost.php?p=22059&postcount=10) مشكورين.
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[01 May 2006, 10:04 م]ـ
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله
أخي ناصر بارك الله فيك على ما تفضلت به، وجعل لك حظا من اسمك، وأقول كما قال سيد الخلق:" إنما العلم بالتعلم "
وسأواصل ما بدأت، وإن قلَّ السالكون.
يقول الشاطبي:
" كل حكاية وقعت فى القرآن فلا يخلو أن يقع قبلها أو بعدها- وهو الأكثر- رد لها أولا فإن وقع رد فلا إشكال في بطلان ذلك المحكى وكذبه وإن لم يقع معها رد فذلك دليل صحة المحكى وصدقه "
ثم قال رحمه الله: أما الأول فظاهر ولا يحتاج إلى برهان ومن أمثلة ذلك:
قوله تعالى: " إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ ?للَّهُ عَلَى? بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ " الأنعام [91] فأعقب بقوله:" قُلْ مَنْ أَنزَلَ ?لْكِتَابَ ?لَّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَى? " الأنعام [91].
وقال: " وَجَعَلُواْ للَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ?لْحَرْثِ وَ?لأَنْعَامِ نَصِيباً .. " الأنعام [136].فوقع التنكيت على افتراء ما زعموا بقوله:" بِزَعْمِهِمْ " وبقوله:" سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ " ثم قال:" وَقَالُواْ هَـ?ذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ إلى تمامه، ورد بقوله: " سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ " ثم قال: " وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَـ?ذِهِ ?لأَنْعَامِ خَالِصَةٌ .. " الآية فنبه على فساده بقوله:" سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ " زيادة على ذلك.
وبعد أن ساق أمثلة كثيرة قال رحمه الله:" ومن قرأ القرآن وأحضره في ذهنه عرف هذا بيسر" ثم بين فوائد هذا العرف القرآني في ثلاث نقاط:
1 - أن النظار من أهل الأصول لما رأوه مطردا استدل به جماعة منهم على أن ما يحكى في القرآن من شرائع الأولين ولم ينبه على إفسادهم وافترائهم فيه، فهو حق يجعل عند طائفة في شريعتنا.
2 - استدل جماعة من الأصوليين على أن الكفار مخاطبون بالفروع بقوله تعالى: " قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين " الآية إذ لو كان قولهم باطلا لرد عند حكايته
3 - يستعان به في ترجيح الأقوال كاختلافهم في عدد أصحاب الكهف، والحق أنهم سبعة وثامنهم كلبهم لأن الله تعالى لما حكى من قولهم أنهم: " ثلاثة رابعهم كلبهم وأنهم خمسة سادسهم كلبهم " أعقب ذلك بقوله: " رجما بالغيب " أي ليس لهم دليل ولا علم غير اتباع الظن ورجم الظنون لا يغني من الحق شيئا ولما حكى قولهم سبعة وثامنهم كلبهم لم يتبعه بإبطال بل قال: " قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل ". دل المساق على صحته دون القولين الأولين، وهو اعتماد ابن عباس في اختيار هذا القول فقد روى عنه أنه كان يقول: " أنا من ذلك القليل الذي يعلمهم ".
4 - وهذا يفيدنا أن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها، وأنه ليس كل ما نطق به الكافر فهو باطل، بل منه ماهو حق بشهادة الله له كالذي ورد عن بلقيس ملكة سبأ أنها "قالت: إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة " فقال تعالى معقبا على قولها:" وكذلك يفعلون "
ـــــــــــــــــــــــــــ
أبد ع في مواضيعك، وأحسن في ردودك، وقدم كل ما لديك، ولا يغرك فهمك، ولا يهينك جهلك، ولا تنتظر شكر أحد، بل اشكر الله على هذه النعمة، ولله الف حمد والف شكر -و السلام عليكم-
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[19 Jun 2006, 08:22 م]ـ
ذكر هذه العادة التي هي من عادات القرآن الكريم الإمام البقاعي في تفسيره الفذ " نظم الدرر" عند تفسيرقوله تعالى: " كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحيكم ثم إليه ترجعون "سورة البقرة [28] " قال رحمه الله: " ثم إليه ترجعون " فيحشركم بعد طول الوقوف للجزاء من الثواب والعقاب؛ وفي هذا كما قال الحرالي: إعلام بأنهم إن لم يرجعوا إلى الله سبحانه بداعي العلم في الدنيا فبعد مهل من الإحياء الثاني يرجعون إليه قهراً حيث يشاهدون انقطاع أسبابهم ممن تعلقوا به ويتبرأ منهم ما عبدوه من دون الله، وإنما جاء هذا المهل بعد البعث لما يبقى لهم من الطمع في شركائهم حيث يدعونهم فلم يستجيبوا لهم، فحينئذ يضطرهم انقطاع أسبابهم إلى الرجوع إلى الله فيرجعون قسراً وسوقاً فحينئذ يجزيهم بما كسبوا في دنياهم، كما قال تعالى في خطاب يعم كافة أهل الجزاء "واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون"
[البقرة: 281] وهذا آخر خطاب الإقبال عليهم من دعوة الله لهم ولسان النكيرعليهم، ولذلك كانت آية:
واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله [البقرة: 281] آخر آية أنزلت في القرآن، لأنها نهاية ليس وراءه قول يعم أهل الجزاء؛ والرجع عود الشيء عند انتهاء غايته إلى مبدئها - انتهى.
ولما أجمل سبحانه في أول هذه الآية أول أمرهم وأوسطه وآخره على الوجه الذي تقدم أنه منبه على أن الكفر ينبغي أن يكون من قبيل الممتنع لما عليه من باهر الأدلة. شرع يفصله على وجه داع لهم إلى جنابه بالامتنان بأنواع الإحسان بأمر أعلى في إفادة المقصود مما قبله على عادة القرآن في الترقي من العالي إلى الأعلى فساق سبحانه ابتداء الخلق الذي هو من أعظم الأدلة على وحدانيته مساق الإنعام على عباده بما فيه من منافعهم ليكون داعياً إلى توحيده من وجهين:
- كونه دالاً على عظمة مؤثرة وكمال قدرته،
- وكونه إحساناً إلى عباده ولطفاً بهم، وقد جبلت القلوب على حب من أحسن إليها " (1).
ـــــــــــــــ
(1) نظم الدرر (1/ 30 - 31)