ـ[ابو حنين]ــــــــ[30 Apr 2006, 06:34 م]ـ
جزاكم الله خيرا ..
ـ[سيف الدين]ــــــــ[30 Apr 2006, 09:37 م]ـ
لقد شغلت قصة يوسف عليه السلام مع امرأة العزيز الكثير من التكهنّات, واننا لنأسف اشد الاسف ان كثيرا منها كان فيه ظلم لشخص يوسف عليه السلام ... وكنت على وشك ان اكتب في هذا الموضوع تحت عنوان "السنة النبوية: رؤية تأصيلية من القرآن الكريم" ..
لقد ذهب البعض وربما الكثير الى القول ان يوسف عليه السلام كاد ان يهمّ بالفاحشة لولا ان عصمه الله .. غير ان الموضوع قد يكون له وجه آخر ..
1 - كيف يعقل ان يقول يوسف عليه السلام: {معاذ الله} ثم يهمّ بالفاحشة؟ ذلك أشبه ما يكون بالتصوير الكاريكاتوري الساخر من النبي يوسف عليه السلام ..
2 - هل "همّ" يوسف و"همّ" امرأة العزيز هما "همّ" واحد؟
وهذا القول الذي ذهب اليه بعض المفسرين من ان "الهمّ" هنا هو "همّ" واحد .. وكان الانسب ان يقال: ان "همّ" امرأة العزيز يتناسب مع {وراودته التي هو في بيتها عن نفسه} , واما "همّ" يوسف عليه السلام فيتناسب مع {معاذ الله انه ربي احسن مثواي انه لا يفلح الظالمون} .. اي ان "همّها" كان بالمراودة واما "همّه" فكان بما يدفعها عنه (بغض النظر عن الصورة الحركية) ضمن اطار {معاذ الله} اي الممانعة عن الفعل.
3 - ماذا نقول اذا في {لولا أن راى برهان ربه}؟
لقد فسّر معظم ان لم نقل كلّ المفسرين كلمة {ربه} في الاية بمعنى الله تعالى .. وهذا لم يعفهم من تكلّف ورجم بالغيب لهذا البرهان {برهان ربه} .. فمنهم من ذهب الى انها الصلاة ومنهم من ذهب الى اشياء كثيرة غير ذلك ..
غير انه يمكن ان يكون المخرج بسيطا اذا أرجعنا كلمة ربّه في الاية {لولا ان رأى برهان ربه} الى العزيز وليس الى الله تعالى .. فيكون معنى قوله تعالى {وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربه} اي انه همّ بممانعتها غير انه رأى ان طريقة ممانعته قد تقيم برهان سيده عليه في انه هو الفاعل ..
وبذلك يمكننا ان نضع صورة واضحة متماسكة لما حصل دون الحاجة الى ان نجعل من يوسف عليه السلام يعاني من انفصام شخصية – يقول معاذ الله ثم يهمّ بالفاحشة – او ان نتحزّر في البرهان الذي رآه يوسف فأمسك عن المعصية نتيجة لذلك ..
وتصبح الصورة كالتالي:
امرأة العزيز تغلّق الابواب, وتراود فتاها عن نفسه .. يوسف عليه السلام يتمنّع ويذكّرها بمكرمة سيّده عليه {انه ربي أحسن مثواي} .. والرب في هذه الاية يرجّح انه العزيز ..
في هذه اللحظة الحرجة يهمّ يوسف بامرأة العزيز بممانعتها مما أرادت (بغضّ النظر عن الشكل: هل كان ينوي ضربها او دفعها او غير ذلك من افعال الممانعة) غير انه يرى ان هذا الهمّ قد ينقلب عليه بخدعة من امرأة العزيز ممّا يعني ان برهان سيّده سيقوم عليه بأنه هو المدبّر لذلك وليست امرأة العزيز .. عند ذلك, وبعد ان رأى ان برهان ربه قد يقام عليه, ينصرف عن فكرة الهم, ويهرع الى الباب .. فالانسحاب – حسب تقديره في هذه الحالة – هو الذي قد يضمن له النجاة من الخديعة ومكر امرأة العزيز ..
اما بالنسبة لعصمة الانبياء, فان هذا المصطلح بحاجة الى ضبط ..
والله اعلم
ـ[د. حسن خطاف]ــــــــ[01 May 2006, 11:02 ص]ـ
بارك الله بك على طرح هذا الموضوع.
كتب فحر الدين الرازي ت.606 كتابا قيما في هذا الجانب وأسماه " عصمة الأنبياء " فيمكن الرجوع إليه وهو كتيب بحدود "140" صفحة أجاب فيه عن كثير مما يتناقض مع عصمة الأنبياء.كما انه في تفسيره تعرض لهذ المسألة، وذكر الرازي في هذه المسألة أقوالا عدة واختار منها هذا القول " وقال الأكثرون هذه العصمة إنما تجب في زمان النبوة فاما قبلها في غير واجبة وهو قول أكثر أصحابنا" ص. 27 ويقصد بأصحابه الأشعرية.
أما بالنسبة للهم الذي أسند ليوسف عليه السلام، فقد ذكر المفسرون هذه المسألة وهناك آراء لاتستحق الوقوف في واقع الأمر لأنها تخل بالعصمة، ولكن الذي أراه والله أعلم أن الهم هنا هو هم الطبيعة البشرية الموجودة في الرجال، وهو أمر لم يتجاوز مرحلة الخاطر، ثم بعد ذلك كان له مايصرفه عن هذا الهم، وهذا التفسير لايخدش بالنبوة ولا بالعصمة لأن امتلاك الشيء مع القدرة على الممانعة هو أليق مما يقال إنه كان مصروفا عن هذه الحال، وهذا القول يتفق مع ما قاله كثير من المفسرين يقول النسفي" هم الطباع مع الامتناع قاله الحسن. وقال الشيخ أبو منصور [الماتريدي] رحمه الله: وهم بها هم خطرة ولا صنع للعبد فيما يخطر بالقلب ولا مؤاخذة عليه، ولو كان همه كهمها لما مدحه الله تعالى بأنه من عباده المخلصين" تفسير النسفي - (ج 2 / ص 62)
ويقول البيضاوي في تفسيره " والمراد بهمه عليه الصلاة والسلام ميل الطبع ومنازعة الشهوة لا القصد الاختياري، وذلك مما لا يدخل تحت التكليف بل الحقيق بالمدح والأجر الجزيل من الله من يكف نفسه عن الفعل عند قيام هذا الهم، أو مشارفة الهم كقولك قتلته لو لم أخف الله" تفسير البيضاوي - (ج 3 / ص 142)
د. حسن الخطاف. كلية الشريعة جامعة دمشق
¥