تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وتنتهي بقوله: " ذَلِكَ مِمَّآ أَوْحَى? إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ ?لْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ ?للَّهِ إِلَـ?هاً آخَرَ فَتُلْقَى? فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً " [39]. بدأت هذه النصائح بتوحيد الله وختمت كذلك بتوحيده، لأن القلب الذي يعنو لغير الله لا أمل فيه، والاستقامة الكاملة مربوطة بالتوحيد الكامل.

إن للجماعة المؤمنة شارات، يقول الله في الوالدين: " وَ?خْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ ?لذُّلِّ مِنَ ?لرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ?رْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً " [24] ويقول في الأقارب: " وَآتِ ذَا ?لْقُرْبَى? حَقَّهُ وَ?لْمِسْكِينَ وَ?بْنَ ?لسَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً " [26]. والتفسير الحق عندي أن المرء لا يجوز له التوسّع في النفقة والاستكثار من الكماليات، فإن ذلك تبذير يحصد ما لديه، ولا يبقى عنده فضلاً يعطيه قريباً أو بعيداً ... وأكد القرآن الكريم هذا المعنى في قوله تعالى: " وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى? عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ?لْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً " [29].

وسياسة تقليل النسل لا تغنى عن الشعوب البليدة شيئاً! يجب أن تلتمس المفاتيح لخزائن الخيرات التي بثها الله هنا وهناك، والسماء لا تمطر القاعدين ذهبا ولا فضة .. "وَلاَ تَقْتُلُو?اْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ " [31].

ونهى القرآن عن الزنا، والزنا عملة متداولة في الحضارة الحديثة، وهو أفضل من الكبت في مجال التربية عندهم، ولا يعاقب عليه قانوناً ما دام بالتراضي!! والله يقول: " وَلاَ تَقْرَبُواْ ?لزِّنَى? إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلاً " [32].ومع أن قتل النفس جريمة فالقانون لا يقتل القاتل ... وقد حرمت عقوبة الإعدام في دول كثيرة! وأدى ذلك إلى شيوع القتل وسفك الدم الحرام " وَلاَ تَقْتُلُواْ ?لنَّفْسَ ?لَّتِي حَرَّمَ ?للَّهُ إِلاَّ بِ?لحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ?لْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً " [33].وأمر الله الناس باحترام مال اليتيم وبالوفاء بالعهود، وبضبط المكاييل والموازين. ثم ذكر لكل إنسان أنه مسئول عن سمعه وبصره وقلبه، إنه مسئول عن كل شيء فيه، فلا يجوز أن يحيا فوضويا سائبا " وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ ?لسَّمْعَ وَ?لْبَصَرَ وَ?لْفُؤَادَ كُلُّ أُولـ?ئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً " [36]

ونهى القرآن أخيراً عن الخيلاء وذهاب المرء بنفسه " وَلاَ تَمْشِ فِي ?لأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ ?لأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ ?لْجِبَالَ طُولاً ... " [37].

إن هذه الوصايا تقيم الفرد المؤمن والشعب المؤمن، والحضارة الصالحة، ولن يهزم الله أمة تمسكت بهذه الخلال

ونظرت في سورة "سبحان" فإذا الله ـ جل شأنه ـ يخاطب المشركين بحديث عجب: "وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـ?ذَا ?لْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً. قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لاَّبْتَغَوْاْ إِلَى? ذِي ?لْعَرْشِ سَبِيلاً * سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى? عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً. تُسَبِّحُ لَهُ ?لسَّمَاوَاتُ ?لسَّبْعُ وَ?لأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـ?كِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً " [41 - 44]. ولست أحقِّقُ هنا: هل تسبيح الكائنات بحمد ربها دلالة حال أو دلالة مقال؟.

إن الكون ـ على أية حال ـ لا يقوم بنفسه، وإنما يقوم به الحيُّ القيوم!!.

وإذا صعب على مغفل أن يعرف الله، وأن يُقرّ بوحدانيته فلن يضرّ الله شيئاً، فكل شيء يسبح بحمده! ... ومضت السورة تحدث المشركين عن الله الذي هجروه، واتخذوا الأصنام آلهة من دونه، إنهم ذاهلون تائهون، لا يحبون أن يسمعوا حديثاً عنه! .. وهم يحسبون الرسول رجلاً مسحوراً، وهم يعتقدون أنه لا حياة إلا في هذه الدنيا، وتلك طبيعة الدواب! إن الدواب لا تشعر بغد قريب أو بعيد، إنها تعيش يومها وحَسْبُ، هي محبوسة وراء محيطه. والغريب أن العالم المعاصر لا يدري إلا هذا المنطق، وهو يشيعه في عالم الفن والغناء، وعالم القانون والفلسفة!! " وَقَالُو?اْ أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير