تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً * أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ ?لَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى? هُوَ قُلْ عَسَى? أَن يَكُونَ قَرِيباً يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً ... " [49 - 52] والإنغاض: تحريك الرأس علوا وسفلاً إنكارا واستهزاء .. وفي موضع آخر من السورة تكرر رفض المشركين للبعث والجزاء، فبيّن القرآن الكريم أن الإنسان امتاز على الدواب بعقله. فإذا فقد هذا العقل نظر ولم ير، سمع ولم يع، ونطق بالباطل، وفقد أهليته لهداية الله، وعَالَنَ بإنكاره لوجوده ولقائه:" وَمَن يَهْدِ ?للَّهُ فَهُوَ ?لْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ?لْقِيَامَةِ عَلَى? وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً. ذَلِكَ جَزَآؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا وَقَالُواْ أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً * أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ?للَّهَ ?لَّذِي خَلَقَ ?لسَّمَاوَاتِ وَ?لأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى? أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى? ?لظَّالِمُونَ إَلاَّ كُفُوراً " [99].

وفي سورة بني إسرائيل لا غرابة أن يوصى الله المسلمين بإحسان القول، فليكن الإحسان في القول والتلطف في الدعوة شيمة الأمة الخاتمة! " وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ ?لَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ ?لشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ ?لشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً " [53].

وتلت ذلك إشارة إلى أن أمر المسلمين سوف يعلو حتى يرثوا الأرض، وذلك في قوله تعالى: " وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي ?لسَّمَاوَاتِ وَ?لأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ ?لنَّبِيِّينَ عَلَى? بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً " [55].

والحق أن التوحيد الذي تميزت رسالة الإسلام بتقريره، وتحمست لإشاعته، يربط الناس بربهم ربطاً شديداً، ويجعل عروتهم به وثيقة، ويقرر أن كل ما عدا الله عبدٌ له، مقهور في جلاله: " قُلِ ?دْعُواْ ?لَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ ?لضُّرِّ عَنْكُمْ وَلاَتَحْويلًا. أُولَـ?ئِكَ ?لَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى? رَبِّهِمُ ?لْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً " [56 - 57]

واقتضى المقام هنا حديثاً عن آدم وبنيه! لقد كان آدم جديراً بأن يكون أفضل حالا ومآلا بعدما اصطفاه الله وأعلى شأنه، وأسجد له ملائكته. وكان بنوه جديرين بأن يكذبوا ظنون إبليس، بعد ما أفاء الله عليهم من نعمائه ما يلهج الألسنة بالشكر " وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي ?لْبَرِّ وَ?لْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ?لطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى? كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ... " [70] لكن آدم وَهَنَ عزمه، وأبناءه نسوا الجميل الذي يمرحون فيه، فلم يكن من مؤاخذتهم بدٌ، وجاء في هذا القرآن من شأنهم ما يثير الدهشة، فلنتدبره لنعرف كيف نفعل .. ؟!.إن الله منحنا العقول لنفكر ونحكم، ونميز الحسن من القبيح والطيب من الخبيث، وما قيمة عقولنا إذا لم نفعل ذلك؟.وعندما نقول لرجل: واحد وواحد تساوى اثنين، فيقول لك: لا أصدق حتى تنقل الجبل من مكانه، أفترى أن لهذا القائل منطقاً جديراً باحترام؟.

إن محمدا رسول الله بذل جهده في إثبات أن الله واحد، وأن وجوده الأعلى أصدق من كل وجود، فقيل له: بل أصنامنا أولى بالتقدير! وتحدَّوه أن يأتي بمعجزة تصدقه!.

لقد طلب أهل مكة من محمد أن يجعل الصفا ذهبا، حتى يصدقوا رسالته! فكيف إذا حوّل لهم الجبل إلى ذهب ثم ظلّوا على تكذيبهم؟ إنه مهلكهم يقينا، إن اللعب مع السماء لا يسوغ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير