تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قصد , وقد ساق الجميع مساقا واحدا إلا إن حمل على الجلدة الواحدة فيتجه. ثم أبدى القاضي احتمالا آخر فقال: كان لا يقول ولا يفعل صلى الله عليه وسلم في حال غضبه إلا الحق , لكن غضبه لله قد يحمله على تعجيل معاقبة مخالفه وترك الإغضاء والصفح , ويؤيده حديث عائشة " ما انتقم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمات الله " وهو في الصحيح. قلت: فعلى هذا فمعنى قوله " ليس لها بأهل " أي من جهة تعين التعجيل"

وتعقيبا على ذلك نقول:

• اذا كان ما وقع من الرسول من الدعاء او اللعن او السب هو مما جرت به عادة العرب من وصل كلامها بلا نية, فعندها يكون الرسول صلى الله عليه وسلم - والعياذ بالله - اما جاهلا بلغة قومه واما مقصّرا بتقرير واستعمال هذا النوع من الصيغ التي تنافي دعوة الاسلام. وهذا التعليل يردّه سياق الاحاديث نفسها حيث ان الاحاديث تعلّل بأن ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم هو من باب الغضب ومن باب بشريّته. ثم انه ان كانت هذه الصيغ تنافي دعوة الاسلام ويذنب من قال بها فلم لم ينبه الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك؟ او على الاقل نتساءل لم استعملها هو نفسه؟؟؟؟ وقد جاء في القرآن الكريم تنبيه على استخدام المفردات احيانا فقد جاء في كتاب اعلام الموقعين عن رب العالمين: قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا رَاعِنا وقولوا أنظرنا} نهاهم سبحانه أن يقولوا هذه الكلمة ـ مع قصدهم بها الخير ـ لئلا يكون قولهم ذريعة إلى التشبة باليهود في أقوالهم وخطابهم؛ فإنهم كانوا يخاطبون بها النبيَّ صلى الله عليه وسلم ويقصدون بها السبَّ، يقصدون فاعلاً من الرعونة، فنهى المسلمون عن قولها؛ سداً لذريعة المشابهة، ولئلا يكون ذلك ذريعة إلى أن يقولها اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم تشبهاً بالمسلمين يقصدون بها غير ما يقصده المسلمون. (ج3 ص109)

• اما عن الاحتمال الاخير والذي لاقى استحسانا من ابن حجر فواضح ان ابن حجر كان يحاول التملّص من اي تفسير للحديث يتنافى مع القاعدة الاساسية عن اكثر المحدّثين وهو ان كل ما ورد عن رسول الله من فعل او قول او تقرير انما هو وحي من الله ولهم في ذلك قوله تعالى: {وما ينطق عن الهوى}. على كلّ حال, حتى هذا التعليل الاخير لا يستقيم مع سنته النبوية الشريفة ولا مع محور الرحمة الذي وصف الله به نبيه الكريم عليه السلام, قال تعالى: {وما ارسلناك الا رحمة للعالمين} ولا مع الوصف الذي وصفه اياه في سورة التوبة: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريض عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} (التوبة 128)

ان القول بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتسرّع في اقامة الحدود (مع التحفّظ على هذه الحدود المزعومة في هذه الاحاديث) لا نجد له سندا في سنته صلى الله عليه وسلم بل على العكس فاننا نجد في السنة ما يخالف هذا الرأي من تؤدة الرسول في اقامة الحدود وتحرّي الشبهات:

.

- فقد جاء في صحيح البخاري: أن أبا هريرة قال أتى رجل من أسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فناداه فقال يا رسول الله إن الأخر قد زنى يعني نفسه فأعرض عنه فتنحى لشق وجهه الذي أعرض قبله فقال يا رسول الله إن الأخر قد زنى فأعرض عنه فتنحى لشق وجهه الذي أعرض قبله فقال له ذلك فأعرض عنه فتنحى له الرابعة فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه فقال هل بك جنون قال لا فقال النبي صلى الله عليه وسلم اذهبوا به فارجموه وكان قد أحصن أ. هـ.

- وجاء في صحيح البخاري: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما أتى ماعز بن مالك النبي صلى الله عليه وسلم قال له لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت قال لا يا رسول الله قال أنكتها لا يكني قال فعند ذلك أمر برجمه أ. هـ

- وجاء في صحيح مسلم ما نصّه: حدثنا عبد الله بن بريدة عن أبيه أن ماعز بن مالك الأسلمي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني قد ظلمت نفسي وزنيت وإني أريد أن تطهرني فرده فلما كان من الغد أتاه فقال يا رسول الله إني قد زنيت فرده الثانية فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومه فقال أتعلمون بعقله بأسا تنكرون منه شيئا فقالوا ما نعلمه إلا وفي العقل من صالحينا فيما نرى فأتاه الثالثة فأرسل إليهم أيضا فسأل عنه فأخبروه أنه لا بأس به ولا بعقله فلما كان الرابعة حفر له حفرة ثم أمر به فرجم قال فجاءت الغامدية

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير