هذه الامور عقلية لا ينكرها الا مكابر ومن هنا نعرف كيف ناقش القران اثبات وجوده بآية واحدة " أم خلقوا من غير شيء ام هم الخالقون " واثبات وحدانيته بآية واحدة "مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ"
لا يمكن لعاقل ان يتجاوز هاتين الايتين من غير ان يقر بخالق واحد ولا يمكن ان ينقد هاتين الايتين. وهذا بيان ان المكابرة هي سبب الكفر وليس العقل بل العقل يرشد لوحدانية الخالق.
هذا الاسلوب السهل الذي لا يحتاج فيه الى فلسفة وجدل عقيم انه اسلوب القران فالتوحيد سر القران كما قال ابن تيمية رحمه الله تعالى
ومن أسلوب القران في التوحيد اثبات عجز من يعبد من غير الله ,واثبات عجزهم اثبات انهم لا يستحقوا العبادة , وقد ورد في القران بيان ضعف وعجز من يعبد من دون الله عز وجل: وفي سورة الأعراف يخاطب الله عز وجل أهل الشرك عن شركائهم فيبين لهم ان التفكير يقود الىنسان الى تركها والاعراض عنها:
"أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) "فهؤلاء الذين يُعبدون من دون الله لا يخلقوا شيء وما يشهد احد لهم انهم خلقوا شيء بل هم انفسهم يخلقوا ويصنعهم الناس حسب أهوائهم كما حاج ابراهيم قومه في ذلك فقال:"قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (95) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96) " فلا صنم بدون نحات فكيف يعبد المصنوع الذي يشكله الناس حسب أهوائهم. فوجودهم قبل أصنامهم جعلهم شهداء على هذه الاصنام. وكلهم يعلم انها لا تخلق شيئا وانما الله خالق كل شيء. فلا هذه الاصنام خلقت بل هي مخلوقة.
"وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (192) " بل ان هذه الأصنام أضعف منهم وهي بحاجة لمن يحميها ولا تملك لهم نصرا ولا تأيدا وقد جعل ابراهيم عليه السلام قومه يسترشدوا عقولهم للإنقياد الى هذا الامر اذ دمر أصنامهم "فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ" " فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ" فبين لهم ان هذه الأصنام لا تستطيع نصر نفسها. فكيف ستنصرهم في الشدائد؟
وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ (193) اذا دعوتم هذه الاصنام فانها لن تستجيب لكم لانها لا تسمع دعائكم بل يستوي سكوتكم ودعائكم لها ولذلك طلب ابراهيم عليه السلام من قومه ان يسألوا هذه الاصنام من دمرها وجعلها جذاذا فقال:" قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60) قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61) قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (63) " هنا ينصدم من يعبد هذه الأصنام بالحقيقة التي يعلمها ويتجاهلها. هنا ينكشف الغطاء ويتبين زيف هذه الأصنام وتفاهت عقل من يعبدها. فقد كانوا يدعونها بالامس لتجيب دعواهم واذ بهم اليوم لا يقبلوا ان يسألوها من دمرها كانوا يسألونها ان تنصرهم واذ بحالها يبين ضعفها.
وهو قوله تعالى عن هذه الأصنام:
"إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (194) "
ثم يبين الله عز وجل ضعف هذه الاصنام وقلة حيلتها
¥