تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فالقمر والشمس والكواكب كلها تسير بنظام تطلع وتغيب مما يدل على انها منظمة منقادة لنظام عام فلا تعبد هذه الأجرام وانما يعبد الله اللذي خلقها ونظمها:"وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37) "

فالله الذي خلق الليل والنهار وخلق الشمس والقمر هو الذي قدر حركاتها وجعلها منتظمة "وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33) " فما يسير بفلك لا يستحق العبادة كونه مسيرا ووسيرهم بفلك دليل على تنظيم. والتنظيم دليل على منظم ولا منظم لهم الا الله الذي خلقهم. فسبحانه وتعالى عما يشرك أهل الكفر

وقد يغتر بعض أهل الالحاد بما آتاه الله من مال وجاه وسلطان فينسى انه لم يكن شيئا مذكورا فينسب لنفسه القوة والسلطان ويزعم ان لا فرق بينه وبين الخالق كما زعم النمرود انه يحيي ويميت. فكان جواب ابراهيم عليه السلام قطع الحجة من أساسها لا الجدال في تفاصيلها فقطع ابراهيم عليه الطريق اذ قال له: ان كنت تزعم انك كذلك وتظن نفسك ذو قرة فان الله جعل الشمس تجري في فلكها من المشرق فاجعلها تخرج من المغرب. وهذه الطريقة يجابه بها أهل السحر والدجل وأصحاب الدعاوي الكاذبة الذين يزعموا القدرة على الخوارق ان حالهم وحقيقتهم تبين زيفهم. فهذا النمرود ببعض الملك يريد ان يكون الملك لهذا الكون وينسى ملك الملوك الذي تواضعت الملوك لعزه فلم يكن ابراهيم من البلهاء الذين يغيب عقولهم عند اهل السلطان وانما طلب منه ما يزعمه فعجز النمرود.: وهذه الاية تبين زيف هؤلاء اذ قال الله مخبرا عن حال ابراهيم والنمرود:

"أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258) "

فيقال لمن يزعم خلق الذهب: لم تطلب المال وانت تخلقه؟

ويقال لمن ينكر الروح أحي ميتا.

ويقال لمن يزعم الطبيعة أخلق ذبابة

وهذا يعجز عنه بنوا آدم فيعرفوا انهم ليسوا أهلا للعبادة وانما يستخف قوم عقول قوم فيطيعوا دون امعان عقولها ولذلك كانت الانعام أهدى سبيلا من هؤلاء اذ انها استفادة مما أعطاها الله من ادراك ما لم يستفد هؤلاء مما أعطاهم من عقل وحس.

"وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179) " وقال عز وجل عنهم:" أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلا كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا (44) " وهذه خلاصة الموضوع فان الله أعطى الانسان ما يدرك من عقل وفهم. فان لم يرد اتباع الحق فانه سيخلد في النار لا لظلم وانما لما قدمت يداه فقد كفر نعمة الله في الدنيا وصد عن سبيله فهو في الأخرة من الأخسرين.

اذا فيمتاز اسلوب القران في إثبات وحدانية الله بالايجاز والاحكام وذلك انه لم يترك مجال للاعتراض. وبهذا يبتين ان اهل الكفر والشرك والالحاد انما يتبعوا أهوائهم بغير علم فجعلوا له بنين وبنات "وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ (100) بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101) "وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ "" وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير