تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[25 Aug 2006, 11:16 م]ـ

قال الشيخ رحمه الله تعالى في المسألة ذاتها: فقول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح (الذهب والفضة والحرير والديباج هي لهم في الدنيا ولكم في الآخرة) يدخل في عمومه تحريم لبس الفضة؛ لأن الثلاث المذكورات معها يحرم لبسها بلا خلاف, وما شمله عموم نصظاهر من الكتاب والسنة لايجوز تخصيصه إلا بنص صالح للتخصيص؛ كما تقرر في علم الأصول ..

فإن قيل: الحديث وارد في الشرب في إناء الفضة لا في لبس الفضة؟؟

فالجواب: أن العبرة بعموم الألفاظ, لا بخصوص الأسباب, لا سيما أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكرفي الحديث مالايحتمل غير اللبس كالحرير والديباج.

ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[26 Aug 2006, 02:42 م]ـ

قال الشيخ رحمه الله تعالى استكمالاً للمسألة السابقة:

فإن قيل: جاء في بعض الروايات الصحيحة ما يفسر هذا ويبين أن المراد بالفضة الشراب في آنيتها لا لبسها, قال البخاريُّ في صحيحه: باب الشرب في آنية الذهب, (وساق البخاري السند عن ابن أبي ليلى) قال: كان حذيفة بالمدائن فاستسقى فأتاه دهقان بقدح فضة فرماه به فقال: إني لم أرمه إلا أني نهيته فلم ينته, وأنالنبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن الحرير والديباج والشرب في آنية الذهب والفضة, وقال: هنّ لهم في الدنيا ولكم في الآخرة,

(باب آنية الفضة) وساق البخاري السند عن ابن أبي ليلى قال: خرجنا مع حذيفة وذكرالنبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تلبسوا الحرير والديباج, فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة. انتهى

فدل هذاالتفصيل - الذي هوالنهي عن الشرب في آنية الذهب والفضة والنهي عن لبس الحرير والديباج - على أن ذلك هوالمراد بما في الرواية الأولى, وإذاً فلا حجة في الحديث على منع لبس الفضة لأنه تعين بهاتين الروايتين أن المراد الشرب في آنيتها لا لبسها لأن الحديث حديث واحد ..

فالجواب من ثلاثة أوجه:

الأول: أن الرواية المتقدمة عامة بظاهرها في الشرب واللبس معاً, والروايات المقتصرةعلى الشرب في آنيتها دون اللبس ذاكرة بعض أفراد العام ساكتة عن بعضها, وقد تقرر في الأصول (أن ذكر بعض أفراد العام بحكم العام لا يخصصه) وهو الحق كما بينا في غير هذا الموضع وإليه أشار في مراقس السعود بقوله عاطفا على ما لا يخصص به العموم على الصحيح:

وذكر ماوافقه من مفردِ ... ومذهب الراوي على المعتمدِ

الثاني: أن التفصيل المذكور لو كان هو مراد النبي صلى الله عليه وسلم لكان الذهب لا يحرم لبسه وإنما يحرم الشرب في آنيته فقط, كما زعم مدعي ذلك التفصيل في الفضة, لأن الروايات التي فيها التفصيل المذكور (لاتشربوا في آنية الذهب والفضة) فظاهرها عدم الفرق بين الذهب والفضة ولبس الذهب حرامٌ إجماعا على الرجال ..

الثالث: وهو أقواها ولا ينبغي لمن فهمه حق الفهم أن يعدل عنه لظهور وجهه, وهو: أن هذه الأربعة المذكورة في هذا الحديث -التي هي الذهب والفضة والحرير والديباج - صرح النبي صلى الله عليه وسلم أنها للكفارفي الدنيا وللمسلمين في الآخرة فدل ذلك علىأن من استنفع بها في الدنيا لم يستنفع بها في الآخرة, وقد صرح جل وعلا في كتابه العزيز بأن أهل الجنة يتمتعون بالذهب والفضة من جهتين:

إحداهما: الشرب في آنيتهما.

والثانية: التحلي بهما.

وبين أن أهل الجنة يتنعمون بالحرير والديباج من جهة واحدة وهي لبسها, وحكم الاتكاء عليهما داخل في حكم لبسهما, فتعيَّن تحريم الذهب والفضة من الجهتين المذكورتين وتحريم الحرير والديباج من الجهةالواحدة لقوله صلى الله عليه وسلم الثابت في الروايات الصحيحة في الأربعة المذكورة (هي لهم في الدنيا ولكم في الآخرة) لأنه لو أبيح التمتع بالفضةفي الدنيا والآخرةلكان ذلك معارضاً لقوله صلى الله عليه وسلم (هي لهم في الدنيا ولكم في الآخرة) وسنوضح ذلك إن شاء الله من كتاب الله جل وعلا ..

ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[31 Aug 2006, 09:13 م]ـ

ويقول رحمنا الله تعالى وإياه:

تنبيه

فإن قيل: عموم حديث حذيفة المذكور الذي استدللتم به وبيان القرآن أنه شامل للبس الفضة والشرب فيها, وقلتم: إن كونه واردا في الشرب في آنية افضة لا يجعله خاصا بذلك, فما الدليل في ذلك على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب؟؟

فالجواب: أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عما معناه (هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟) فأجاب بما معناه (أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب).

قال البخاري في صحيحه: حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سليمان التيمي عن أبي عثمان عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أن رجلا أصاب من امرأة قبلةً فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فأنزلت عليه {وأقم الصلاة طرفي النهار وزُلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين} قال الرجل: ألي هذه؟ قال صلى الله عليه وسلم: (لمن عمل بها من أمتي) اهـ.لفظ البخاري في التفسير في سورة هود.

وفي رواية في الصحيح قال صلى الله عليه وسلم (لجميع أمتي كلهم) اهـ.

فهذا الذي أصاب القبلة من المرأة نزلت في خصوصه آية عام اللفظ فقال للنبي صلى الله عليه وسلم (ألي هذه) ومعنى ذلك: هلالنص خاص بي لأني سبب وروده؟ أو هو على عموم لفظه؟

وقول النبي صلى الله عليه وسلم له: (لجميع أمتي) معناه أن العبرة بعموم لفظ (إن الحسنات يذهبن السيئات) لا بخصوص السبب, والعلم عند الله تعالى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير