تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فإن قيل: ما وجه رفع أي من قوله (لنعلم أيُّ الحزبين أحصى) مع أنه في محل نصب لأنه مفعول به.؟؟

فالجواب: أن للعلماء في ذلك أجوبة, منها:

أن (أي) فيها معنى الاستفهام و والاستفهامُ يعلق الفعل عن مفعوليه كما قال ابن مالك في الخلاصة –عاطفا على ما يعلق الفعل القلبي عن مفعوليه-:

وإن ,ولا, لام ابتداءٍ أو قسمْ ... كذا والاستفهامُ , ذا له انحتمْ

ومنها ما ذكره الفخر الرازي وغيره, من أن الجملة بمجموعها متعلق العلم, ولذلك السبب لم يظهر عمل قوله (لنعلمَ) في لفظة (أي) بل بقيت على ارتفاعها, ولا يخفى عدم اتجاه هذا القول كما ترى.

قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: أظهر أوجه الأعاريب عندي في الآية أن لفظة (أي) موصولة استفهامية. و (أي) مبنية لأنها مضافة , وصدر صلتها محذوف على حد قوله في الخلاصة:

أيُّ كما وأُعربت ما لم تُضَفْ ... وصدر وصلها ضميرٌ انحذفْ

ولبنائها لم يظهر نصبها, وتقرير المعنى على هذا: لنعلمَ الحزبَ الذي هو أحصى لما لبثوا أمداً ونميزه عن غيره.

و (أحصى) صيغة تفضيل, كما قدمنا توجيهه ,نعم للمخالف أن يقول: إن صيغة التفضيل تقتضي بدلالة مطابقتها الاشتراك بين المفضَّل والمفضَّل عليه في أصل الفعل, وأحد الحزبين لم يشارك الآخر في أصل الإحصاء ,لجهله بالمدة من أصلها, وهذا مما يقوي قولَ من قال إن (أحصى) فعل, والعلم عند الله تعالى ..

فإن قيل: أي فائدة مهمةٍ في معرفة الناس بالحزب المحصي أمد اللبث من غيره حتى يكون علة غائية , لقوله {ثمَّ بعثناهم لنعلم أيُّ الحزبين .. } الآية؟؟

وأي فائدة مهمة في مسائلة بعضهم بعضاً, حتى يكون علة غائية لقوله {وكذلك بعثناهم ليتسائلوا بينهم}؟؟

فالجواب: أنا لم نرَ من تعرَّض لهذا , والذي يظهر لنا والله تعالى أعلم أنَّّ ما ذُكرَ من إعلام الناس بالحزب الذي هو أحصى أمدا لما لبثوا ومسائلة بعضهم بعضا عن ذلك يلزمه أن يظهِر للناس حقيقة أمر هؤلاء الفتية وأن الله ضرب على آذانهم في الكهف ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً ثمّ بعثهم أحياءاً , طريةً أبدانهم , لم يتغير لهم حال, وهذا من غريب صنعه جل وعلا الدال على كمال قدرته وعلى البعث بعد الموت ولاعتبار هذا اللازم جعل ما ذكرنا علةً غائيةً والله تعالى أعلم ..

ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[10 Mar 2007, 07:30 م]ـ

قال الشيخ رحمه الله: عند آية {وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد} , فإن قيل: كيف يكون الوصيد في الآية هو الباب , والكهفُ غارٌ في الجبل لا باب له .. ؟؟

فالجواب: أن الباب يطلق على المدخل الذي يُدخَل للشيء منه , فلا مانع من تسمية المدخل إلى الكهف باباً, ومن قال إن الوصيدَ الفناءُ , لا يخالف ما ذكرنا لأن فناء الكهف هو بابه, وقد قدمنا مراراً أن من أنواع البيان التي تضمنها هذا الكتاب المبارك: أن يقول بعض العلماء في الآية قولاً, وتكون في الآية قرينة تدل على خلافه.

وقد قال بعض أهل العلم في هذه الآية الكريمة:إن المراد بالكلب في هذه الآية رجلٌ منهم لا كلبٌ حقيقي, واستدلوا لذلك ببعض القراءات الشاذة كقراءة ((وكالبهم باسطٌ ذراعيه بالوصيد)) وقراءة ((وكالئهم باسطٌ ذراعيه بالوصيد)).

وقوله جلَّ وعلا: {وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد} قرينة تدل على بطلان ذلك القول, لأن بسط الذراعين معروف من صفات الكلب الحقيقي , ومنه حديث أنس المتفق عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب} وهذا المعنى مشهور في كلام العرب , فهو قرينة على أنه كلب حقيقي ,وقراءة (كالئهم) لا تنافي كونه كلباً , لأن الكلب يحفظ أهله ويحرسهم , والكلاءة: الحفظ.

فإن قيل: ما وجه إعمال اسم الفاعل الذي هو (باسطٌ) في مفعوله الذي هو (ذراعيه) والمقرر في النحو أن اسم الفاعل إذا لم يكن صلة أل , لا يعمل إلا إذا كان واقعاً في الحال أو المستقبل .. ؟؟

فالجواب: أن الآية هنا حكاية حال ماضية ,ونظير ذلك من القرآن قوله (إني جاعلٌ في الأرض خليفة) وقوله تعالى (والله مخرجٌ ما كنتم تكتمون).

واعلم أن ذكره جل وعلا في كتابه هذا الكلب , وكونه باسطاً ذراعيه بوصيد كهفهم في معرض التنويه بشأنهم – يدل على أن صحبة الأخيار عظيمة الفائدة.

ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[09 Jun 2007, 07:36 م]ـ

قال الشيخ - رحمنا الله وإياه - عند تناوله لتفسير آية (ولا تقولنَّ لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله) وبعد أن رجح وقرر عدم صحة وقوع الاستثناء إلا مقترناً , وأن الاستثناء المتأخر لا قيمة له ولا تحل به اليمين , ثمَّ ذكر القول المنسوب لابن عباس رضي الله عنهما في صحة وقوعه منفصلا عن اليمين أو المستثنى بدليل إطلاق الله تعالى هنا للاستثناء وعدم تقييده بزمن معين حيث قال (واذكر ربك إذا نسيت) أي: إن نسيت تستثني ب"إن شاء الله" فاستثن إذا تذكرت من غير تقييد باتصال ولا قرب.

قال:

فإن قيل: فما الجواب الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما فيما نسب إليه من القول بصحة الاستثناء المتأخر .. ؟؟

فالجواب: أن مراد ابن عباس رضي الله عنهما: أن الله عاتب نبيه صلى الله عليه وسلم على قوله: إنه سيفعل ذلك غداً, ولم يقل: إن شاء الله, وبين له أن التعليق بمشيئة الله هو الذي ينبغي أن يفعل, لأنه تعالى لا يقع شيء إلا بمشيئته ,فإذا نسي التعليق بالمشيئة ثم تذكر ولو بعد طول فإنه يقول: إن شاء الله, ليخرج من ذلك من عهدة عدم التعليق بالمشيئة , ويكون قد فوض الأمر غلى من لا يقع إلا بمشيئته.

فنتيجة هذا الاستثناء هي: الخروج من عهدة تركه الموجب للعتاب السابق , لا أن يحل اليمين , لأن تداركها قد فات بالانفصال , هذا هو مراد ابن عباس كما جزم به الطبري وغيره, وهذا لا محذور فيه ولا إشكال.

وأجاب بعض أهل العلم بجواب آخر ,وهو: أنه نوى الاستثناء بقلبه ونسي النطق بلسانه , فأظهر بعد ذلك الاستثناء الذي نواه وقت اليمين , هكذا قاله بعضهم , والأول هو الظاهر, والعلم عند الله تعالى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير