تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[19 Jan 2008, 05:00 م]ـ

قال رحمه الله , عند آية {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا}

فإن قيل: نبئنا بالأخسرين أعمالاً من هم؟

كان الجواب - هم الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، وبه تعلم أن «الذين» من قوله {الذين ضَلَّ سَعْيُهُمْ} خبر مبتدأ محذوف جواباً للسؤال المفهوم من المقام، ويجوز نصبه على الذم، وجره على أنه بدل من الأخسرين، أو نعت له.

وقوله {ضَلَّ سَعْيُهُمْ} أي بطل عملهم وحبط، فصار كالهباء وكالسراب وكالرماد كما في قوله تعالى: {وَقَدِمْنَآ إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً}، وقوله: {والذين كفروا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ} الآية. وقوله: {مَّثَلُ الذين كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشتدت بِهِ الريح فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} ومع هذا فهم يعتقدون أن عملهم حسن مقبول عند الله.

والتحقيق: أن الآية نازلة في الكفار الذيت يعتقدون أن كفرهم صواب وحق، وأن فيه رضى ربهم، كما قال عن عبدة الأوثان: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى الله زلفى}، وقال عنهم {وَيَقُولُونَ هؤلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ الله}، وقال عن الرهبان الذين يتقربون إلى الله على غير شرع صحيح: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ تصلى نَاراً حَامِيَةً} الآية، على القول فيها بذلك. وقوله تعالى في الكفار: {إِنَّهُمُ اتخذوا الشياطين أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الله وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} وقوله: {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السبيل وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} والدليل على نزولها في الكفار تصريحه تعالى بذلك في قوله بعده يليه {أولئك الذين كَفَرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} الآية. فقول من قال: إنهم الكفار، وقول من قال: إنهم الرهبان، وقوله من قال إنهم أهل الكتاب الكافرون بالنَّبي صلى الله عليه وسلم كل ذلك تشمله هذه الآية. .

ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[26 Jan 2008, 07:12 م]ـ

في قول الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا) قال رحمة الله عليه وعلى علماء المسلمين:

فإن قيل هذه الآيات فيها الدلالة على أن طاعة الله بالإيمان والعمل الصالح سبب في دخول الجنة. وقوله صلى الله عليه وسلم: «لن يدخلَ أحدَكم عملُه الجنة» قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «ولا أنا إلا يتغمدني الله برحمة منه وفضل» يرد بسببه إشكال على ذلك.

فالجواب - أن العمل لا يكون سبباً لدخول الجنة إلا إذا تقبله الله تعالى وتقبله له فضل منه. فالفعل الذي هو سبب لدخول الجنة هو الذي تقبله الله بفضله، وغيره من الأعمال لا يكون سبباً لدخول الجنة. والجمع بين الحديث والآيات المذكورة أوجه أخر، هذا أظهرها عند. والعم عند الله تعالى. وقد قدمنا أن «النزل» هو ما يهيأ من الإكرام للضيف أو القادم.

وعند قول الله تعالى وتقدس: (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) قال الشيخ رحمه الله:

معنى قوله: {خِفْتُ الموالي} أي خفت أقاربي وبني عمي وعصبتي: أن يضيعوا الدين بعدي، ولا يقوموا لله بدينه حق القيام، فارزقني ولداً يقوم بعدي بالدين حق القيام. وبهذا التفسير تعلم ان معنى قومه «يرثني» أنه إرث علم ونبوة، ودعوة إلى الله والقيام بدينه، لا إرث مال.

ويدل لذلك أمران:

أحدهما - قوله {وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} ومعلوم أن آل يعقوب انقرضوا من زمان، فلا يورث عنهم إلا العلم والنبوة والدين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير