ولو أنك قلت حفظك الله: إنه ليس كل من أقدم على تفسير كتاب الله من المتقين لكان أولى؛ إذ لو كان الأمر كذلك لما وجدنا بعض التفاسير قد خرج أصحابها عن الملة كتفسير بعض المارقين عن الدين من أهل القول بالحلول والاتحاد. وتفسير الروافض الذين تجرأوا على القول على الله بغير علم تعصباً لمذهبهم وتشيعهم. ومنها ما هو دون ذلك ممن خالف أصول أهل السنة والجماعة في تفسيره كصاحب الكشاف، فهو معتزلي المذهب، تعصَّب في تفسيره لمذهبه تعصباً جلياً، فهل لطالب العلم أن يستغني عن تفسير الزمخشري؟!!.
ثم هناك من هيَّأه الله تعالى ذِكْره لخدمة هذا الدين مع أنه من غير أهل الملة! وأقرب الأمثلة ذلك المستشرق (فنسك، أستاذ اللغات الشرقية بجامعة لندن الذي صنَف كتاب مفتاح كنوز السنة والذي يعد موسوعة في خدمة السُّنَّة النبوية) , وقام بترجمته محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله وسماه: المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي. فكيف ألَّف هؤلاء ما ألَّفوا وليسوا من عِداد المتقين؟ وما موقف أهل السنة من الأخذ من كتب هؤلاء مع إجماعهم أنهم ليسوا من المتقين؟؟! إنها الحكمة ضالة المؤمن فأنّى وجدها فهو أولى بها.
وبناء عليه فمن أقام تفسيره على المنهج الرباني الصحيح فهو من المفسرين المتقين حيث حقق الشرط المطلوب في قوله تعالى: {إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً} فجعل الله له فرقاناً وهداه إلى الحق وجنَّبه الباطل. ومن لم يتق الله لم يجعل له فرقاناً، ولم يهده إلى الصواب في تفسيره فابتعد بذلك عن المنهج الرباني الصحيح.
ثم لا أدري أخي الفاضل لم تعجبت واستبعدت توجيه المعلم تلميذه ونصحه له في اتخاذ الأسباب المعينة على طلب العلم، وأنه قد يخطر بعض هذا في ذهن الأستاذ الصالح لكنه لا يجرؤ أن يشافه تلميذه به مخافة أن ينسبه المسترشد إلى السفه والسخرية وعدم الجدية. (أليس هذا غريباً بعض الشيء؟!!!!!!!)
حفظك الله تعالى لا يُتوقّع من شيخ فاضل مربي أجيال أن يُقصّر في حثّ طلابه على ملازمة تقوى الله عز وجل ومراقبته في السرّ والعلن، ويبين لهم أن التقوى يجب أن تكون سمتاً لطالب العلم، وتذخر سير الصالحين من أهل الفضل والعلم قديماً وحديثاً بمثل هذا، وما سطرته الكتب نقلاً عمن لازم سماحة شيخنا الجليل عبد العزيز ابن باز تغمده الله في واسع رحمته شاهدا على ذلك. ولا أظن أن معلما غفل أن يذكر لطلابه أبيات الشافعي المشهورة: شكوت إلى وكيع سوء حفظي ....... ولكن ... أن يعاب على الأستاذ توجيهه سائله إلى أصول طلب علم من العلوم، فيه نظر؟!
ثم هل يصح أن يقول له: صل رحمك، وأحسسن إلى جارك، وتصدَّق، تحصل على ملكة التفسير؟؟!!! وهل يفهم إن هو علَّمه أصول علم من العلوم أنه لم يحثه على الأسباب المعينة له على ذلك ليفتح الله عليه!!؟.
وأما قولك: "وعلى الذين يتصورون القرآن حقل تجارب لاختبار قدراتهم في الاستنباط والاستقراء أو لاختبار ملكتهم الذوقية أو لتفعيل نظرياتهم وفلسفاتهم أن يسألوا أنفسهم ما حظهم من التقوى في كل هذا .. وكم من الركعات في جوف الليل أتوا بها باكين مستعينين بها على فهم آية عليهم أشكلت!! "
نحن معك في هذا، ولا نوافق أن يدلي كل من ليس له علم برأيه في كتاب الله الكريم، ولكن ما زال العلماء يكتشفون من أسرار ومعجزات هذا الكتاب على مر الزمان، وهذا هو سر خلوده. فلماذا نحجر واسعا؟؟!!!
وليتك وجهت موعظة ونصيحة لطلبة العلم، وأن يلزموا ما يعينهم على طلبه من تقوى الله عز وجل لينالوا تأييده لهم فيما هم في صدده، وليسهّل ذلك عليهم.
أخيراً نحن أمة واحدة أمرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أن نبقى يداً واحدة كالبنيان يشدّ بعضه بعضا ولن يتحقق هذا إلا بالتناصح، فالدين النصيحة، فإن كان استدراكي صواباً فجعلك الله ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وإن كان غير ذلك فعفا الله عني وعنك.
ـ[وائل حجلاوي]ــــــــ[08 Jun 2006, 03:56 م]ـ
السلام عليكم
لا أرى تعارضاً بين كلام الأخ أبو عبد المعز وكلام الأخت الفاضلة
وكلام كل واحد منهما مكمِّل للآخر ولا بد
لابد من الإتقان , الناتج عن تعلُّم ومنهجية و مهارة وكفاءة ... (كأي صنعة أو حرفة)
ولابد كذلك من التقوى , لكي يبارك الله تعالى في العمل ويقبله عنده ويجزي عليه الحُسنى
وشكر الله للجميع مشاركاتهم وما يتحفونا به من نفائس وجواهر ...