تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لهذا التفسير قيمة علمية كبيرة، فبالإضافة إلى تفسير آي القرآن تجد فيه: القراءات وأصحابها، فقد عني بها عناية كبيرة، كما تجد فيه من فنون اللغة ما يبهر ولا غرو فقد كان ابن عطية لغويا فصيحا، اهتم في تفسيره بهذا الجانب اللغوي إعرابا وبلاغة. إضافة إلى الأحكام الفقهية وإن كانت غير بارزة.

كما أن لهذا التفسير أثر كبير في التفاسير التي جاءت بعده، في المدرسة المغربية خاصة، نجد هذا الأثر واضحا في الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، كذلك في "البحر المحيط" لأبي حيان الأندلسي، وفي غيرها من كتب التفسير التي جاءت بعده.

وهذا التفسير بقي مخطوطا في عدد من المكتبات والخزانات، إلى أن طبعته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب، بأمر من الملك الراحل الحسن الثاني

رحمه الله. حيث أمر المجالس العلمية المغربية بتصحيحه وتحقيقه.

صدر الجزء الأول منه سنة 1975م وبقيت أجزاؤه الأخرى تصدر إلى أن صدر الجزء السادس عشر وهو الأخير سنة 1991م

قام المجلس العلمي لفاس بتصحيح وتحقيق الأجزاء من 1 إلى 10، والمجلس العلمي لمكناس الأجزاء 11/ 12/13 والمجلس العلمي لتارودانت الأجزاء 14، 15، 16 والجزء الثالث عشر لم أعثر عليه.

فهو الآن مطبوع في ستة عشرة مجلدا.

كما أن طبعات أخرى لهذا التفسير، لكن أولها حسب علمي هي هته التي حققت وصححت وطبعت بالمغرب.

مصادر بن عطية في المذهب الإعتقادي:

نهل ابن عطية في المجال الاعتقادي من كتب أعلام الأشاعرة، وظهر هذا جليا في تفسير "المحرر الوجيز" ومن أبرز هؤلاء الأعلام:

-كتب الإمام أبي الحسن الأشاعري (ت 334هـ) فطالما استشهد ابن عطية في تفسيره بكلام الأشعري، ونكتفي هنا بمثال: يقول بن عطية عند تفسير قوله تعالى: «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها»: [واختلف الناس في جواز تكليف ما لا يطاق في الأحكام التي هي في الدنيا، بعد اتفاقهم على أنه ليس واقعا الآن في الشرع، وأن هذه الآية آذنت بعدمه، فقال أبو الحسن الأشعري وجماعة من المتكلمين: تكليف مالا يطاق جائزا عقلا، ولا يحرم ذلك شيئا من عقائد الشرع، ويكون ذلك أمارة على تعذيب المكلف وقطعا به تفسير بن عطية سورة البقرة 286].

-كتب القاضي أبي بكر محمد بن أبي الطيب الأشعري الباقلاني [ت 403هـ] كالتمهيد وغيره، وقد نقل ابن عطية في تفسيره كثيرا من أقوال الباقلاني وآرائه في علم الكلام وعلى سبيل المثال يقول بن عطية عند تفسير قوله تعالى: «أو لما أصابكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا، قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير». يقول ابن عطية، وقوله تعالى: «إن الله على كل شيء قدير» قال القاضي بن الطيب وغيره: ظاهر العموم ومعناه الخصوص، لأن الله تعالى لا يوصف بالقدرة على المحالات " [تفسير ابن عطية لسورة آل عمران الآية 165].

-كتب أبي المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني إمام الحرمين [ت 478هـ] كالإرشاد وغيره، وقد اعتمد ابن عطية على أبي المعالي اعتمادا كبيرا، فمثلا عند تفسيره لقوله تعالى "ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء، صم بكم عمي فهم لا يعقلون" يقول بن عطية: [ولما تقرر فقدهم لهذه الحواس قضى بأنهم لا يعقلون، إذ العقل كما يقول أبو المعالي وغيره –علوم ضرورية تعطيها هذه الحواس، ولابد في كسبها من حواس [تفسير بن عطية، سورة البقرة الآية 171] ().

موقف ابن عطية من آيات الصفات التي يوهم ظاهرها التشبيه.

قبل أن أسرد نماذج من آيات الصفات وموقف ابن عطية منها أحبذ أن أعرض لموقف أهلا الحديث وموقف المعتزلة والأشاعرة من آيات الصفات.

فأهل الحديث يقولون: إن لله صفات أزلية قديمة، ويأخذون آيات الصفات على ظاهرها من غير تأويل أو تعطيل أو تجسيم.

أما المعتزلة فيقولون: ليس لله صفات أزلية قديمة، بل هو عالم بذاته، وقادر بذاته، ومريد بذاته… إلخ وعندما تعرض عليهم آيات الصفات يعمدون إلى تأويلها لكي لا يقولون بالتجسيم الذي ينافي توحيد الله وتنزيهه عندهم، لكنهم وقعوا في أكبر مما كانوا يخشونه، وهو أنهم عطلوا صفات الله وأنكروها.

أما الحشوية: فإنهم قالوا: إن لله صفات تشبه صفات الناس –سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا- وأن يده يدا جارحة، وهكذا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير