تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[دفع الإشكال الوارد حول سجود الشمس!]

ـ[عمر المقبل]ــــــــ[23 Jun 2006, 12:58 ص]ـ

الحمد لله،والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والااه،وبعد:

فهذا جواب عن شبهة أوردها أحد الإخوة من دول المغرب العربي،وبعث بسؤاله إلى موقع الإسلام اليوم،وقد أحببت نشره في هذا الموقع لسببين:

السبب الأول:

أن لهذا علاقة بالقرآن الكريم بصورة لا أحتاج معها إلى الإيضاح.

السبب الثاني:

أنه هالني ما وقفت عليه في بعض المواقع على الشبكة من طعن في هذا الحديث،بل بلغ الأمر ببعضهم ـ من ملاحدة العرب ومنافقيهم ـ إلى السخرية بهذا الحديث،والطعن فيه،ومن ثم الطعن في علمائنا المعاصرين وفتاواهم في هذا الباب ولهذا أطلت فيه،والله المستعان.

السؤال:

في الصحيحين عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أتدري أين تذهب هذه الشمس إذا غربت؟ قلت: لا. قال: إنها تنتهي فتسجد تحت العرش، ثم تستأذن، فيوشك أن يقال لها: ارجعي من حيث جئت، وذلك حين لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً".

أثار هذا الحديث في قلبي شبهة! إذ يفهم منه أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- كان يتكلم من منطلق أن الأرض مسطحة وثابتة، والشمس هي التي تدور حولها، تخرج من المشرق، وتغرب من المغرب، أرجو توضيح ذلك؟

الجواب:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فأشكرك –أخي- على طرح مثل هذه الأسئلة، والبحث عن مخرج لما يقع في القلب من الشبه، فإن العبد إذا أهمل السؤال عن مثل هذه الأمور، ربما أدت به إلى نهايات خطيرة يدخل منها الشيطان على قلب العبد؛ فَيفسِدُ عليه دينه.

أما بالنسبة لما سألت عنه، فجوابه فيما يلي:

1 - اعلم –وفقني الله وإياك لما يحبه ويرضاه- أنه إذا صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يمكن أبدا أن يكون معارضاً لما هو كائن في الواقع، بل إما أن فهمنا للواقع غير صحيح، أو فهمنا للنص غير صحيح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يخبر إلا بالحق، وأخبار الوحي –كتاباً وسنة- لا يمكن أن يدخلها الخطأ.

فيبقى الأمر –في حقنا- هو: وجوب النظر فيما يزيل هذا الإشكال الذي وقع في نفوسنا.

2 - اعلم -وفقك الله- أن ظواهر الكتاب والسنة تكاد تصل إلى حد الصراحة -وأؤكد على كلمة ظواهر– في أن الحركة إنما تصدر من الشمس لا من الأرض، ومن ذلك هذا الحديث، ومنه –أيضاً- آيات كثيرة في كتاب الله تعالى، أذكرها الآن؛ ليتضح لك هذا المعنى بشكل جلي:

أ- قوله تعالى: "فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً" [الأنعام:78].

فنسب البزوغ لها.

ب- قوله تعالى -في قصة أصحاب الكهف-: "وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَال" [الكهف:17].

فهذه أربعة أفعال نسبت إلى الشمس: الطلوع، والغروب، والتزاور والقرض.

ج- وفي قصة ذي القرنين يقول تعالى: "حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ". إلى قوله "حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ". [الكهف:86 - 90].

فنسب الغروب والطلوع إليها.

د- ومن أصرح الأدلة قوله تعالى: "وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ" إلى قوله سبحانه: "لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ" [يس:38 - 40].

فنسب الجري والإدراك للشمس.

هـ- وفي قصة سليمان عليه الصلاة والسلام، قال الله تعالى عنها: "حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ" [ص:32].

أي أن الشمس غربت، فنسب التواري إليها.

فأنت ترى –وفقك الله- أن نسبة هذه الأفعال كلها للشمس ظاهر في أنها تتحرك.

إذا علم ذلك، فاعلم أن القرآن لم ينف أن الأرض تتحرك ولم يثبت ذلك –أيضاً-، وعليه فلا تعارض بين القرآن والواقع العلمي الذي يثبت حركة الأرض، ويكون ما ذكر –من نسبة الأفعال إلى الشمس- هو باعتبار نظر العين لها.

3 - فيما يخص سجود الشمس، وذهابها وسجودها تحت العرش. وكيفية تصوره مع أنها إنما تغرب عنا لتشرق على آخرين، فالجواب عنه سهل –بحمد الله- وذلك من وجهين:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير