تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[التفسير والتأويل اصطلاحا:]

ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[02 Aug 2006, 04:52 ص]ـ

بسط العلماء القول في تعريف التفسير اصطلاحا، ولعل أجمع أقوالهم ما أثبته الزرقاني في كتابه "مناهل العرفان في علوم القرآن " حيث قال: " والتفسير في الاصطلاح: علم يبحث فيه عن القرآن الكريم من حيث دلالته على مراد الله تعالى بقدر الطاقة البشرية ".

ويستعان في التفسير ببعض العلوم المساعدة كعلم اللغة والقراءات، والناسخ والمنسوخ وأسباب النزول، والفقه وأصول الفقه، مع الإلمام بأصول الدين وقواعده. ويؤكد هذا المعنى قول الزركشي عند تعريفه لمصطلح التفسير فهو " علم نزول الآية وسورتها وأقاصيصها والإشارات النازلة فيها، ثم ترتيب مكيها ومدنيها ومحكمها ومتشابهها، وناسخها ومنسوخها، وخاصها وعامها، ومطلقها ومقيدها، ومحكمها ومفسرها.

وزاد فيها قوم فقالوا: علم حلالها وحرامها. ووعدها ووعيدها، وأمرها ونهيها، وعبرها وأمثالها ".

وأما مصطلح التأويل فمصطلح مشكل، ذلك أن استعمالاته تختلف من قرن لآخر، ومن قوم إلى آخرين، ومن بيئة ثقافية إلى أخرى، ومن ثم تعددت وتنوعت تعريفاته. فمنها ما يفتقر إلى الدقة العلمية، ومنها ما يتسم بالتدقيق والتحديد التام الذي يصبح معه دلالة المصطلح واضحة جلية.

والتأويل كما يوضح ابن تيمية ينبغي في تحديد دلالته الإصطلاحية بالتفريق بين جيلين:

1 - السلف الصالح.

2 - متأخري المتفقهة والمتكلمة والمحدثة والمتصوفة ونحوهم.

فعند الأوائل نجد له معنيين:

1 - تفسير الكلام وبيان معناه، سواء أكان موافقا لظاهره أم مخالفا له، ومن ثم يكون التأويل والتفسير شيئا واحدا، أي مترادفين.

وهذا هو المعنى نفسه الذي استعمله محمد بن جرير الطبري (ت310هـ) حيث يقول عند تفسيره لآي الذكر الحكيم: القول في تأويل قوله كذا وكذا. واختلف أهل التأويل في هذه الآية ونحو ذلك. وكله محمول -كما أسلفنا - على التفسير والبيان.

2 - هو نفس المراد بالكلام، فإذا كان الكلام عن طلوع الشمس فالتاويل هو نفس طلوعها، أي هو نفس الحقيقة الموجودة في الواقع الخارجي، وهذا في نظر ابن تيمية -رحمه الله- هو لغة القرآن التي نزل بها.

أما عند متأخري المتفقهة والمتكلمة والمحدثة والمتصوفة: فالتأويل هو صرف اللغظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقترن به. وهذا التأويل هو الذي نجد المتكلمين قد استعملوه في معظم كتبهم، ويتجلى ذلك في موقفهم من آيات الصفات. ومن ثم يتضح لنا أن القول بالباطن هو الأساس الذي جعلهم يقصرون دلالة التأويل على هذا المعنى.

واستغلت الباطنية المعنى الأخير للتأويل ـ بعد أن استندوا على حديث ينسب إلى الرسول ? " للقرآن ظهر وبطن " أو " للقرآن باطن " ـ فراحوا يفسرون القرآن الكريم وفق هواهم، وتبعا لأذواقهم ومواجيدهم الباطلة شرعا، وقد رد ابن تيمية ـ رحمه لله ـ هذا الحديث فقال: " أما الحديث المذكور فمن الأحاديث المختلفة التي لم يروها أحد من أهل العلم، ولا يوجد في شيء من كتب الحديث ".

والتأويل بهذا المعنى ينقسم إلى قسمين: أحدهما يوافق العلم الظاهر، وهو إما صحيح مقبول أو باطل مردود أو ملتبس فيتوقف عنه.

أما إذا كان التأويل مخالفا للعلم الظاهر فهو باطل شرعا، والقائل به إما ملحد زنديق أو جاهل ضال.

والمتأول بالمعنى الأخير مطالب بأمرين:

1 - أن يبين احتمال اللفظ للمعنى الذي حمله عليه وادعى أنه المراد منه.

2 - أن يبين الدليل الذي أوجب صرف اللفظ عن معناه الراجح إلى معناه المرجوح.

وبدون ذكر ذلك يكون التأويل فاسدا وضربا من التلاعب بالنصوص، وحملها على الهوى وصرفها عن معناها الحقيقي المستفاذ من ظاهرها، وتعطيل لشرائع الله. وكل ذلك ملاحظ في تفاسير الفرق الضالة.

وقد دأب العلماء على التفريق بين التفسير والتأويل، ولهم في ذلك أقوال متعددة، فمنهم من قال: " التفسير هو تحقيق المعنى وذلك لا يكون إلا من قبل الله تعالى، والتأويل هو على احتمال اللغات، فلكل واحد من أهل اللغة أن يتأول بلغته.

" ومنهم من قال التفسير هو ذكر القصص وما أنزل فيه، والتأويل هو ما يحتمله معنى الكلام ".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير