تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[كيف يكون ذلك؟]

ـ[ابن ماجد]ــــــــ[23 Jul 2006, 07:15 م]ـ

(يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا)

يستدل بهذه الآية الكريمة لمذهب أهل السنة والجماعة ويرد بها على مذهب المعتزلة

فكيف يكون ذلك؟ جزاكم الله خيرًا

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Jul 2006, 06:40 م]ـ

هذه الآية الكريمة هي الثامنة والخمسون بعد المائة من سورة الأنعام، وتمام الآية: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آَمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ}.

ومحل الشاهد في الآية هو قوله تعالى: {أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ} وليس الجزء الذي أورده الأخ السائل كما يبدو لي، حيث إن الاختلاف في المقصود بـ {آيات ربك} بين المفسرين من باب اختلاف التنوع السائغ.

قال الشنقيطي في تفسيره لهذه الآية: (ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة إتيان الله جل وعلا وملائكته يوم القيامة، وذكر ذلك في موضع آخر، وزاد فيه أن الملائكة يجيؤون صفوفاً وهو قوله تعالى: {وَجَآءَ رَبُّكَ والملك صَفّاً صَفّاً} [الفجر: 22]، وذكره في موضع آخر، وزاد فيه أنه جل وعلا يأتي في ظلل من الغمام وهو قوله تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ الله فِي ظُلَلٍ مِّنَ الغمام والملائكة} [البقرة: 210] الآية، ومثل هذا من صفات الله تعالى التي وصف بها نفسه يمر كما جاء ويؤمن بها، ويعتقد أنه حق، وأنه لا يشبه شيئاً من صفات المخلوقين. فسبحان من أحاط بكل شيء علماً {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً} [طه: 110].)

وهذا هو تفسير السلف لهذه الآية، إثبات صفة الإتيان والمجيء لله سبحانه وتعالى على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى، دون الدخول في التكييف والتأويل لهذه الصفة.

وقد سئل العلامة محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله عن مثل هذه المسألة فأجاب بقوله:

(أهل السنة والجماعة جعلنا الله منهم أشد الناس تعظيما لله عز وجل وأشد الناس احتراما لنصوص الكتاب والسنة فلا يتجاوزون ما جاء به القرآن والحديث من صفات الله عز وجل فيثبتون لله تعالى ما أثبته الله لنفسه وإن حارت العقول فيه وينفون ما نفى الله عن نفسه وإن توهمت العقول ثبوته مثال ذلك إن الله عز وجل فوق كل شيء فوق كل شيء أزلاً وأبدا وهو سبحانه وتعالى له العلو المطلق في كل وقت وحين فوق سماواته فوق مخلوقاته مستوي على عرشه ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيأتي الشيطان لٌلإنسان ويقول كيف ينزل وعلوه لازم له كيف ينزل فنقول هذا يحار فيه العقل لكن يجب علينا أن نصدق ونقول الله أعلم بكيفية هذا نؤمن بأنه ينزل ولكن لا نعلم بالكيفية عقولنا تحار ولكن يجب أن نقبل لأن الله ليس كمثله شيء في جميع صفاته ولهذا قال بعضهم إن القرآن والسنة أتى بما تحار فيه العقول لا بما تحيله العقول فالواجب علينا في أسماء الله وصفاته تصديقها والإيمان بها وأنها حق وإن حارت عقولنا في كيفيتها فالجادة لأهل السنة والجماعة أن كل ما سمى الله به نفسه أو وصف به نفسه سواء في القرآن أو في السنة فإنه يجب الإيمان به وتصديقه.

قوله تعالى (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً) يأتي الإنسانَ الشيطانُ فيقول كيف يجيء فنقول يجيء على الكيفية التي أراد الله الكيف مجهول يجب عليك أن تؤمن بهذا حتى لو حار عقلك به مأمور بأن تصدق على كل حال ولذلك ضل قوم حكموا عقولهم في أسماء الله وصفاته فأنكروا ما أثبته الله لنفسه وحرفوا به نصوص الكتاب والسنة فقالوا إن معنى قوله تعالى استوى على العرش أي استولى على العرش فسبحان الله كيف يقول عز وجل خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش أفيمكن أن نقول إنه قبل ذلك ليس مستوياً عليه هذا أمر ينكره العامي فضلا عن طالب العلم لكن إذا حكم الإنسان عقله في الأمور التي تتوقع على الخبر المحض ضل وزل ولهذا ننصح إخواننا الذين يقولون استوي بمعنى استولي أن يتوبوا إلى الله عز وجل وأن يؤمنوا بأنه استوى على العرش إي علا عليه علوا خاصا يليق بجلاله وعظمته وليعلموا أن الله سائلهم يوم القيامة عما اعتقدوا في ربهم عز وجل وهل اعتقدوا ذلك بناء على كتاب الله وسنة رسوله أو بناء على ما تقتضيه أهواءهم وعقولهم إن نصيحتي لهؤلاء أن يتوبوا إلى الله وأسأل الله أن يتوب عليهم ويوفقهم للحق فليؤمنوا بما جاء في كتاب الله على مراد الله عز وجل وكذلك أيضا من قالوا أن الله ليس عاليا بذاته فوق المخلوقات وقالوا لا يجوز أن نقول إن الله فوق فنقول توبوا إلى ربكم أنتم الآن تدعون الله وتجدون قلوبكم مرتفعة إلى فوق وتمدون أيديكم أيضا إلى فوق دعوكم وفطرتكم فقط واتركوا عنكم الأوهام والأشياء التي تضلكم وإذا أنكرتم علو الله وقلتم إنه بذاته في كل مكان فكيف يليق هذا أيليق أن يكون الله تعالى في حجرة ضيقة ألا فليتق الله هؤلاء وليتوبوا إلى الله من هذه العقيدة الفاسدة الباطلة أخشى أن يموتوا فيلقوا ربهم على هذه العقيدة فيخسروا.)

في حين ذهب كثير من المفسرين الذين يذهبون إلى تأويل مثل هذه الصفات، من أجل لوازم زعموا أنها تلزم من إثبات مثل هذه الصفة لله سبحانه وتعالى إلى القول بأن معنى {أَوْ يَأْتِىَ رَبُّكَ} أي: إتيان أمره بالعذاب. فيجعلون هذا من باب حذف المضاف وهذا ليس منهج السلف.

وهذا القول ليس قول المعتزلة فحسب، بل قولهم وقول الجهمية النفاة للصفات وكثير من الطوائف والفرق التي تنفي مثل هذه الصفات فراراً من التشبيه فيقولون: نحن نفر من التشبيه فلا نصفه بأي شيء، وهذا هو حقيقة التعطيل،لأن التعطيل هو نفي الصفات وجحودها، وتفصيل مثل هذه المسألة محله كتب العقيدة المطولة. بارك الله فيك، ونفعنا وإياك بالعلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير