[شبهات حول تفسير "في ظلال القرآن" لسيد قطب.]
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[15 Aug 2006, 04:01 ص]ـ
يمكننا أن نجمل الشبهات التي أثيرت حول تفسير " في ظلال القرآن" في ثلاث شبهات وهي:
1. شروط المفسر غير متوفرة في سيد قطب رحمه الله.
2. تفسير " في ظلال القرآن" يخالف منهج أهل السنة في التفسير.
3. تفسير "في ظلال القرآن" ليس كتاب علم.
أ- الشبهة الأولى:
إن الشبهة الأولى لا تقوم على أي أساس علمي، بل هي فرية يطلقها أعداء الشهيد سيد قطب رحمه الله، ومناهضة فكره الإسلامي الحركي، وهي فضلا عن ذلك دعاية مغرضة ضد تفسيره "في ظلال القرآن" الذي يعتبر بحق أهم تراثه الفكري، والذي لا زالت الأجيال تربى على موائده، ولا زالت له قيمته العلمية والأدبية.
ولعلنا إذا رجعنا إلى ترجمة سيد قطب، سنجد أنه حفظ القرآن ولم يبلغ العاشرة من عمره، كما أن أخواله كانوا على نصيب غير يسير من العلم، وفضلا عن ذلك فسيد من خريجي كليه دار العلوم، وهي معقل لعلوم اللغة العربية، والدراسات الإسلامية فكيف يقال عنه إنه لا تتوفر فيه شروط المفسر؟.
ثم إذا دققنا النظر في شخصية سيد قطب العلمية، وجدناه متوفرا على أهم الشروط العلمية والأدبية والأخلاقية، التي تؤهله لأن يكون مفسرا للقرآن الكريم. ويمكننا أن نحددها في النقط التالية:
1. كان سيد قطب رحمه الله على معرفة تكاد تكون تامة باللغة العربية كما أنه خبر الأساليب العربية، واطلع على خفاياها البلاغية، ويتضح لنا ذلك من خلال كتاباته الأدبية والنقدية.
2. يملك سيد قطب رحمه الله موهبة أدبية، وطاقة فكرية، مكنته من أن يبدع في مختلف الأجناس الأدبية، كالقصة، والشعر، والنقد، كما صنف كتابات فكرية نالت إعجاب كل متتبعي الحركة الفكرية الإسلامية المعاصرة، بل هناك من الباحثين من يعد سيد قطب رائد الحركة والنهضة الفركية الإسلامية المعاصرة.
3. كان سيد قطب على اطلاع واسع على الفكر الغربي، ووعي شامل بمشكلات العصر وأزماته، مما جعله يضع يده على مكمن الداء في الأمة الإسلامية، ويعالج قضاياها ومشكلاتها من وجهة نظر إسلامية خالصة، فكما قدم لها فكرا إسلاميا نابعا من الكتاب والسنة، يشكل في جملته مناعة وحصانة ضد أي غزو ثقافي يستهدق عقيدتها وكيانها.
4. ومن أهم آداب المفسر التي كان يتمتع بها سيد قطب رحمه الله الإخلاص وصدق التوجه إلى الله تعالى، وقد زادت الابتلاءات المتوالية عليه تأكيد إخلاصه، وسعيه إلى مرضاة الله، وزهده في الدنيا وإصراره على قول كلمة الحق، ولو كان ذلك يساوي حبل المشنقة، وقد حصل!.
ب- الشبهة الثانية:
أما الشبهة الثانية والتي يدعي أصحابها أن " في ظلال القرآن" يخالف منهج أهل السنة في التفسير، المبني على القواعد الخمس الأساسية:
1. تفسير القرآن بالقرآن.
2. تفسير القرآن بالسنة النبوية الشريفة.
3. تفسير القرآن بقول الصحابة.
4. تفسير القرآن بقول التابعين.
5. تفسير القرآن بمطلق اللغة.
ونحب أن نوضخ أن منشأ هذه الفرية هو السطحية في قراءة ودراسة "في ظلال القرآن"، وتعميم الأحكام المستخلصة من دراسة جزء بسيط من التفسير على التفسير كله، وفضلا عن ذلك نجدهم قد وقعوا في خطأ منهجي صارخ. فهم لا يرون أن تفسيرا ما يوافق منهج التفسير عند أهل السنة إلا إذا طبق المراحل التفسيرية تطبيقا حرفيا، في حين أن ذلك ليس ضروريا لإدراج تفسير ما تحت إطار تفاسير أهل السنة، لأنه يكفي أن لا يتعارض ما توصل إليه المفسر مع ما توصل إليه أهل السنة سواء تعلق الأمر بالقضايا العقدية او الفقهية، وذلك بناء على القاعدة الأصولية التي تفيد أن أي حكم أو رأي يمكن الأخذ به، وتبنيه واعتباره حجة شرعية شريطة أن يستند إلى نص أو ألا يعارض نصا آخر.
وبغض النظر عما سبق فإن تفسير سيد قطب قد التزم في الأغلب الأعم منهج أهل السنة في التفسير، وذلك ما ستحاول هذه الدراسة الكشف عنه.
¥