[كيفية القراءة في تفسير الطبري؟]
ـ[أبو صالح التميمي]ــــــــ[20 Sep 2006, 05:02 م]ـ
هل من كتاب أو منهجية معينة تعين على تمام الاستفادة من هذا التفسير مع الفهم وذاك سوى الكتب العامة التي تكلمت عن مناهج المفسرين أو أصول التفسير؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Sep 2006, 01:41 م]ـ
أخي العزيز أبا صالح التميمي وفقه الله
تفسير (جامع البيان) للطبري من أدق وأوثق وأشمل كتب تفسير القرآن الكريم، ولا يزال مع كثرة المصنفات في تفسير القرآن بعده مهيمناً على كتب التفسير لرسوخ مؤلفه، ولمنهجه الدقيق المؤصل الذي انتهجه مؤلفه في تصنيفه، مع الأخذ في الاعتبار أن الطبري قد كتبه أو أملاه على وجه الاختصار كما في قصته المشهورة مع تلاميذه عندما سألهم: هل تنشطون لكتابة التفسير.
غير أن القارئ لهذا التفسير يحتاج إلى صبر وأناة وطول زمان واكتمال للآلة العلمية بقدر الاستطاعة، ومعرفة بمصطلحات الطبري التي يستخدمها في النحو والقراءات والفقه وأصوله، فإنه إن قرأه قارئ له نصيب من هذه الصفات فسوف يلمس الفائدة الكبرى من قراءته لهذا التفسير، وفي رأيي أن قراءة واحدة لهذا التفسير لا تكفي لمعرفة قيمته العلمية على وجهها، وإنما يجب على طالب العلم الحريص على إجادة علم التفسير، واكتساب الملكة في فهم القرآن أن يقرأه على أقل تقدير ثلاث مرات، وإن زاد فالنفع متحقق بإذن الله. وهو وإن كان طويلاً إلا أنه يستحق العناء والصبر والمثابرة، وأرجو إن أنت صبرت على قراءته وتدبره عدداً من المرات أن تحوز مغانم كثيرة.
وقد سعى كثير من العلماء قديماً وحديثاً لاختصار تفسير الطبري لطوله وكثرة آثاره ورواياته، ولكن كل المختصرات لا تغني عن التفسير الأصلي الذي حرره الإمام الطبري بنفسه. ومن آخر المختصرات لهذا التفسير كتاب (تفسير الإمام الطبري من جامع البيان) الذي صنعه الدكتور بشار عواد وعصام حرستاني، وغايتهما من اختصاره إفراد كلام الطبري فقط دون الروايات والآثار، ليتصل كلامه أمام القارئ، ولا يتفرق بكثرة الروايات والآثار. وهو كتاب جيد انتفعت بقراءته، ولكنه مساعد مع الكتاب الأصلي وليس بديلاً له.
كما إنه قد كتبت كتب ورسائل كثيرة في منهج الإمام الطبري في تفسيره، والذي اطلعتُ عليه منها لم يشف غليلي في معرفة منهج هذا المفسر الإمام، وهناك رسائل كتبت في اختياراته وترجيحاته في التفسير ليتها تطبع لينتفع بها.
وعلى كل حال فإن مثل هذه الأسفار الطوال من أسفار العلوم تحتاج إلى صبر وجلد لدراستها ومعرفة قدرها، والقراءة العاجلة لا تنقع الغلة، ولا تبل الصدى.
وفقكم الله للعلم النافع ورزقكم الصبر والجلد للعكوف على هذه الكنوز والجواهر التي تخيرها نقادها وصيارفتها من أفذاذ الأئمة كالطبري وغيره وأودعوها لنا في بطون هذه الكتب الثمينة.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[23 Sep 2006, 02:07 م]ـ
أحسنت الإجابة أخي أبا عبد الله
وأحب أن أدلي بشيء يتعلق بهذا التفسير على عجالة.
أولاً: لم يختلف اثنان من العلماء على جودة هذا التفسير وتميزه، حتى عُدَّ صاحبه (شيخ المفسرين) ـ عليه من الله الرحمة والرضوان ـ وهو بحقٍ شيخهم.
ثانيًا: لقد بقي جزء كبيرٌ من منهج هذا التفسير مجهولاً لدى الدارسين، حتى إنك لا تكاد تجد من ينقل منه سوى توثيق الآثار، حتى إنني في تقدُّمي لدراسة الدكتواره كان في مقابلتي أحد أساتذتي الكبار، فسألني عن مراجعي التي أُعِدُّ منها الدرس للطلاب، فلما ذكرت له تفسير الطبري، قال لي: لم لا ترجع إلى تفسير ابن كثير، فهو أحسن منه، فتفسير الطبري آثار.
فعجبت من هذا القول، واستحييت أن أسأله: هل هو يختبرني في هذه المعلومة، أو هو مقتنع بها؟
ثالثًا: لقد تميز تفسير الطبري بعدد من العلوم، ففيه الأسانيد، وتفاسير السلف، والتفسير الإجمالي، والغريب، والنحو، والقراءات، وتوجيهها، والأحكام الفقهية، والقواعد العلمية والترجيحية، وحجج الترجيح والرد على الأقوال، والتعليق على أقوال المفسرين واللغويين، إلى غير ذلك من منثورات الفوائد.
ويحسن بقارئ هذا التفسير أن يتنبَّه لهذه العلوم، وكيفية معالجة الطبري لها؛ ليستفيد من هذه المنهجية الطبرية.
¥