تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مصادر التفسير]

ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[17 Aug 2006, 03:03 ص]ـ

ذهب الزركشي إلى أن تفسير القرآن قسمان، منه ما ورد تفسيره بالنقل، ومنه ما لم يرد، وبهذه الطريقة المنهجية الرائعة استطاع هذا العالم الجليل أن يبين أن مصادر التفسير الأساسية - والتي كاد العلماء يجمعون عليها أمرهم - خمسة:

1 - القرآن الكريم.

2 - السنة النبوية الشريفة.

3 - أقوال الصحابة.

4 - أقوال التابعين.

5 - اللغة وعلومها.

وفي ذلك يقول: "واعلم أن القرآن قسمان أحدهما ورد تفسيره بالنقل عمن يعتبر تفسيره، وقسم لم يرد.

والأول على ثلاثة أنواع: إما أن يرد التفسير عن النبي -صلى الله عليه وسلم - أو عن الصحابة، أو عن رؤوس التابعين. فالأول يبحث فيه عن صة السند، والثاني ينظر في تفسير الصحابي، فإن فسره من حيث اللغة فهم أهل اللسان فلا شك في اعتمادهم، وإن فسره بما شاهده من الأسباب والقرائن فلا شك فيه، وحينئد إن تعارضت أقوال جماعة من الصحابة فإن أمكن الجمع فذاك، وإن تعذر قدم ابن عباس، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- بشره بذلك حيث قال:"اللهم علمه التأويل". وقد رجح الشافعي قول زيد في الفرائض، لقوله -صلى الله عليه وسلم- "أفرضكم زيد"، فإن تعذر الجمع جاز للمقلد أن يأخذ بأيها شاء. وأما الثالث وهم رؤوس التابعين إذ لم يرفعوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولا إلى أحد من الصحابة -رضي الله عنهم- فحيث جاز التقليد فيما سبق، فكذا هنا، والأوجب الإجتهاد.الثاني: مالم يرد فيه نقل عن المفسرين. وهو قليل، وطريق التوصل إلى فهمه النظر إلى مفردات الألفاظ من لغة العرب ومدلولاتها، واستعمالها بحسب السياق ... ".

أولا: القرآن:

يقسم العلماء القرآن الكريم من حيث الوضوح والبيان إلى قسمين: الأول بين بنفسه، والثاني يحتاج إلى بيان، وهذا البيان قد نجدله في القرآن، أو في السنة أو غيرها من المصادر التي أوردناها سابقا.

فالقرآن الكريم كلما قرأه الإنسان قراءة واعية، وصادقة مترفعة عن كل هوى، إلا تفتقت له أسراره، وعندها يتضح له أن هناك بعض الآيات التي أشكل عليه أمرها في سورة من السور، قد ارتفع إشكالها بقراءة آية أخرى تكون موضحة ومفسرة لها، كما يتبين له أن ما أجمل في موضع قد فصل في آخر، وما اختصر في مكان قد بسط في مكان آخر. ومن ثم دأب المفسرون على القول إن القرآن يفسر بعضه بعضا، وفي ذلك يقول الدكتور صبحي الصالح: " "القرآن يفسر بعضه بعضا

يردد المفسرون هذه العبارة كلما وجدوا أنفسهم أمام آية قرآنية تزداد دلالتها وضوحا بمقارنتها بآية أخرى، وإن لهم أن ينهجوا في تأويل القرآن هذا المنهج لأن دلالة القرآن تمتاز بالدقة والإحاطة والشمول، فقلما نجد فيه عاما أو مطلقا أو مجملا، ينبغي أن يخصص أو يقيد أو يفصل، إلا تم له في موضع آخر ما ينبغي له من تخصيص أو تقييد أو تفصيل ولقد كانت هذه الدلالة الشاملة جديرة أن توحي إلى العلماء وضع مصطلحات خاصة يرمز كل منها إلى السمة البارزة في كل فكرة يدعو إليها القرآن، وفي كل مشهد يصوره، ومن هنا نشأ في الدراسات الإسلامية ما يسمى بمنطوق القرآن ومفهومه، وعامه وخاصه، ومطلقه ومقيده، ومجمله ومفصله."

فإذا كانت هذه هي طبيعة الذكر الحكيم، فإنه يتعين على مفسره جمع الآيات التي أشكل عليه فهمها، ثم يعرضها على الآيات الأخرى ليزيل إشكالها ويرفع غموضها، وبذلك يخرج بتفسير قرآني للقرآن الكريم. ومن ذلك أن يحمل المجمل على المبين ليفسره، ومثاله قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه}، فسرتها الآية الثالثة والعشرون من سورة الأعراف: {قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين}، كما أنه يحمل العام على الخاص، وقد غالى بعض العلماء في ذلك وهو القاضي جلال الدين البلقيني لدرجة لا يتصور معها بقاء العام على عمومه دون تخصيص، ومثاله -أي العام الباقي على عمومه- عزيز، إذ ما من عام وإلا يتخيل فيه التخصيص. فقوله تعالى: {يا أيها الناس اتقوا ربكم} قد يخص منه غير الكافر. و {حرمت عليكم الميتة} خص منه حالة الاضطرار، وخص منه السمك والجراد. و {حرم الربا} وخصص منه العرايا".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير