[جواب في حل الإشكال الوارد عن ابن عباس في الإسرائيليات]
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[24 Jul 2006, 06:41 م]ـ
[جواب في حل الإشكال الوارد عن ابن عباس في الإسرائيليات]
من الإشكالات الواردة في موضوع الإسرائيليات ما عرف عن ابن عباس رضي الله عنهما من الأخذ عن بعض أهل الكتاب، مع ما جاء عنه أنه قال: يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب وكتابكم الذي أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم أحدث الأخبار بالله تقرءونه لم يشب وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب بدلوا ما كتب الله وغيروا بأيديهم الكتاب فقالوا هو من عند الله {ليشتروا به ثمنا قليلا} أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم ولا والله ما رأينا منهم رجلا قط يسألكم عن الذي أنزل عليكم. رواه البخاري.
واذكر أن الشيخ/أحمد البريدي طرح هذه المسألة في الملتقى من قديم، وقد وقفت على رأي أشار إليه الشيخ الجديع في (المقدمات الأساسية)، وحاصله أنه أخذ عن مسلمة أهل الكتاب مثل كعب الأحبار، وليس هذا كمن يتلقى عن أهل الكتاب – من الأحبار والرهبان- وهم على دينهم.
أقول: وبه ينحل الإشكال فيحمل نهيه عن الأخذ عن أهل الكتاب وهم على دينهم، وأخذه لمن أسلم منهم، وهذا الجواب مشروط بعدم أخذه عنهم في حال الكفر.
فائدة في ضمنها سؤال:
ورد أن ابن عباس كان يسأل أبا الجلد جيلان بن فروة، وجاء في ترجمته: أنه صاحب كتب التوراة، وقد وثقه أحمد، كما في (الجرح والتعديل) 2/ 547 فهل كان هذا كتابيا؟
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[25 Jul 2006, 05:24 ص]ـ
حياكم الله يا شيخ خالد
في موقف ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ الذي رواه عنه البخاري؛ هل يُفهم منه أن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ كان ينهى عن الأخذ عن بني إسرائيل مطلقًا؟
فإن كان ذاك كذلك، فإنه مخالف لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) رواه اللبخاري.
وليس الظن به هذا، وقد ثبت عنه الأخذ من بني إسرائيل، فحسُن معرفة السبب الموجب لقيل ابن عباس هذا.
والنوجيه الذي ذكرتموه عن الدكتور عبد الله الجديع ـ في قولكم: (وقد وقفت على رأي أشار إليه الشيخ الجديع في (المقدمات الأساسية)، وحاصله أنه أخذ عن مسلمة أهل الكتاب مثل كعب الأحبار، وليس هذا كمن يتلقى عن أهل الكتاب – من الأحبار والرهبان- وهم على دينهم.
أقول: وبه ينحل الإشكال فيحمل نهيه عن الأخذ عن أهل الكتاب وهم على دينهم، وأخذه لمن أسلم منهم، وهذا الجواب مشروط بعدم أخذه عنهم في حال الكفر) ـ تخصيص لا دليل عليه لا من أثر ابن عباس رضي الله عنه، ولا من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أجاز التحديث عن بني إسرائيل، ورفع الحرج عن أمته، وإن كنت ترى اليوم من يضع هذا الحرج عليها، وقد رفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم! فترى بعض المعاصرين يوجهون النقد لكبار المفسرين المتقدمين لكونهم يذكرون الإسرائيليات ولا يعلقون عليها.
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[25 Jul 2006, 05:43 م]ـ
أشكر أخي فضيلة الدكتور مساعد على هذا التعليق المفيد في هذه المسألة، وطمعا في مزيد الفائدة أقول:
لعله يفرق بين مسألتين هنا:
1. حكم الرواية والتحديث عن بني إسرائيل، وهذه ورد فيها نص نبوي (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) كما ذكرتم، ولا كلام فيها.
2. موقف ابن عباس رضي الله عنهما من الرواية عن بني إسرائيل، وهذه محل البحث، فقد وجدناه أخذ عنهم، ووجدناه ينهى عن الأخذ عنهم، فلا بد من توجيه ذلك.
والجمع المذكور يعود إلى السبر والنظر في روايات ابن عباس في ذلك، فحيث وجد أنه لا يروي إلا عمن أسلم –وهذا بعد ثبوت عدم أخذه عن غير المسلمين، لأنني لم أتتبع ذلك- فهو دليل هذا الجمع.
ويؤيده أنه كان تقدم منه صلى الله عليه وسلم الزجر عن الأخذ عنهم والنظر في كتبهم، ثم جاءت الرخصة في الحديث عنهم، فلعله فهم أن النهي المتقدم لمن كان كافرا، ثم جاءت الرخصة في الحديث بعد أن دخل بعضهم في الإسلام.
بل وجدت في المرفوع نهي صريح عن سؤالهم، وهو ما رواه جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء، فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا، فإنكم إما أن تصدقوا بباطل، أو تكذبوا بحق، فإنه لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني".رواه أحمد بسند حسن
وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى، وقوله (شيء) نكرة في سياق النهي فتفيد العموم.
ويؤيده أيضا –وأذكر أن البحث في المسألة الثانية دون الأولى-: أن الكافر ساقط العدالة وأهل الكتاب قوم حرفوا وبدلوا في كتب الله تعالى، كما قال رضي الله عنه: "يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب وكتابكم الذي أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم أحدث الأخبار بالله تقرءونه لم يشب وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب بدلوا ما كتب الله وغيروا .. ".
وهم يقرؤون مثل قوله تعالى:" أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ".
وهذا لا يوجد في المسلم العدل.
ويؤيده أيضا: ما يشمه القارئ في أثر ابن عباس الذي يجد المقابلة بين المسلمين والكفار، وانظر مثلا قوله: "أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم ولا والله ما رأينا منهم رجلا قط يسألكم عن الذي أنزل عليكم".
وبهذا يبدو أن هذا الجمع حسن –والله أعلم-، ولا يعني أن ما عداه من الوجوه الملتمسة باطل أو غير معتبر.
وأما هل يفهم مما ورد عن ابن عباس أنه كان ينهى عن الأخذ عن بني إسرائيل مطلقا؟
فأقول: لا، وإنما نهيه مقيد بغير المسلمين، وليس في هذا مخالفة للحديث.
¥