تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[التأويل الباطني]

ـ[محمد بن إبراهيم الحمد]ــــــــ[13 Aug 2006, 05:54 م]ـ

[التأويل الباطني]

لون من ألوان الصد عن الإسلام، ووسيلة خبيثة لصرف الناس عنه، وغاية يُسعى من خلالها لطمس معالمه، وستر جماله، ويسره، ووضوحه.

فالإسلام دين واضح ميسور، وأدلته المستقاة من الكتاب والسنة تسبق إلى الأفهام ببادئ الرأي، وأول النظر؛ فهي سائغة جلية تقنع العقول، وتسكن النفوس، وتغرس الاعتقادات الصحيحة الجازمة الملائمة للفطرة في القلوب.

والتأويل الباطني يخالف ذلك، وينبذه وراء ظهره.

والحديث عن التأويل الباطني سيكون حول المسائل التالية:

أولاً: تعريف التأويل الباطني:

أ- تعريفه في اللغة: هذا المصطلح يتركب من كلمتين (التأويل): ومعناه يدور حول التفسير، والمصير، والعاقبة وغيرها من المعاني.

و (الباطني): وأصل هذه الكلمة مادة بَطْن، وهو خلاف الظهر، والباطن: اسم فاعل وهو ضد الظاهر (1).

ب- المعنى الاصطلاحي للتأويل الباطني: هو الزعم بأن لنصوص الشرع ظاهراً وباطناً.

هذا تعريف مختصر، وهناك تعريفات أوسع وأشمل تبين معنى ذلك، وسبب الأخذ به، ومنها تعريف من يقول إنه: "تفسير الكتب المقدسة تفسيراً رمزياً أو مجازياً يكشف عن معانيها.

فالشريعة - كما يقول بعضهم - مشتملة على ظاهر وباطن؛ لاختلاف فطر الناس، وتباين قرائحهم في التصديق؛ فكان لا بد من إخراج النص من دلالته الظاهرية إلى دلالته الباطنية بطريق التأويل؛ فالظاهر هو الصور والأمثال المضروبة للمعاني، والباطن هو المعاني الخفية التي لا تتجلى إلا لأهل البرهان؛ فالتأويل -في نظرهم- هو الطريقة المؤدية إلى رفع التعارض بين ظاهر الأقاويل وباطنها" (2).

ثانياً: سبب التسمية: لعل التعريفين السابقين قد بينا سبب التسمية؛ فالباطنية سميت بذلك لأخذهم بالتفسير أو التأويل الباطني.

فكل من أخذ به سمي باطنياً، وكل طائفة أخذت به دخلت في مسمى الفرق الباطنية.

ثالثاً: طوائف الباطنية: الباطنية مسمى واسع، ويدخل تحته فرق كثيرة، وتكاد تنحصر في طائفتين، ويدخل تحت كل طائفة فرق عديدة.

الطائفة الأولى: باطنية تتظاهر بحب آل البيت، وتبطن الكفر، وتزعم أن للنصوص ظاهراً علمه الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأمته، وباطناً علمه علياً -رضي الله عنه- وبلغه علي سراً إلى الأئمة من بعده.

ويدخل تحت هذه الطائفة فرق عديدة كالشيعة الإمامية، والإسماعيلية، والنصيرية، والدروز، والبابية، والبهائية، وسائر الفرق الباطنية التي انبثقت من الشيعة الاثني عشرية.

الطائفة الثانية: وهي التي تتظاهر بحب النبي -صلى الله عليه وسلم- وهم غلاة الصوفية القائلين بتقسيم الدين إلى حقيقة وشريعة.

فالشريعة عندهم: أحكام الدين الظاهرة، أو الأحكام التكليفية.

والحقيقة: هي ما وراء هذه الأحكام من إشارات وأسرار؛ فإذا وصل العابد إلى الحقيقة لم يحتج معها إلى القيام بأمور الشرع.

هاتان هما طائفتا التأويل الباطني على وجه الإجمال، وسيأتي مزيد بيان وأمثلة على ذلك.

رابعاً: هدفهم من القول بالتأويل الباطني: قد تبين فيما مضى شيء من ذلك، ويمكن إجماله فيما يلي:

1 - إبطال الشرائع.

2 - ترويج الباطل.

3 - إضفاء الصبغة الشرعية على ما يقولون، وإيهام الناس أن آراءهم متفقة مع نصوص الشرع.

وبذلك صارت تلك الطوائف تأخذ بالتأويل الباطني لنصوص القرآن.

وتزعم أن من تقاعد عَقْلُه عن الغوص في الخفايا والأسرار، والبواطن والأغوار، وقنع بظواهرها - كان تحت الآصار والأغلال.

وأرادوا بالأغلال: التكاليف الشرعية؛ لأن من ارتقى إلى علم الباطن -بزعمهم- سقطت عنه التكاليف، واستراح من أعبائها (3).

ومن هنا جاؤوا بتأويلات باطلة لا تستند إلى شرع، ولا عقل، ولا عرف، ولا لغة، بل إنها تخالف ذلك كله -كما سيأتي بيان ذلك-.

خامساً: مصادر الفكر الباطني: مصادر الفكر الباطني ليست من الإسلام في شيء، وإنما هي أفكار دخيلة على عقائد الإسلام؛ فهي مستقاة من الفلسفة اليونانية والهندية، ومن الديانات المجوسية، واليهودية، والنصرانية، وغيرها.

وقد تستر أصحابها بحب آل البيت تارة، وبحب النبي -صلى الله عليه وسلم- تارة.

وأرادوا من ذلك هدم المجتمع الإسلامي، وزعزعة أمنه، وإفساد عقيدته.

والمجال لا يتسع لتفصيل ذلك (4).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير