[هل يوجد مثال آخر أن اللام تفيد البعديه؟]
ـ[سلسبيل]ــــــــ[04 Jul 2006, 10:37 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ذكر الشيخ د. محمد السبيهين في شرحه للآجروميه أن اللام من حروف الجر قد يأتي بمعنى البعديه وقال حفظه الله
((في قول الله -سبحانه وتعالى-: ? أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ? [الإسراء: 78]، الدلوك هو الزوال، والمفسرون قالوا: إن المقصود بالصلاة هنا هي صلاة الظهر، وأنه معروف أن صلاة الظهر تؤدى بعد الزوال، فقالوا: إذن إن اللام هنا أفادت البعدية، أي بعد دلوك الشمس، لأنه ما دام المقصود بها صلاة الظهر،
وصلاة الظهر إنما يحين وقتها بعد زوال الشمس، إذا زالت الشمس حل وقتها فإذن اللام هنا تفيد معنى البعدية، طبعاً أخذ هذا من معرفة أن وقت الصلاة إنما يكون بعد الزوال وليس فيه، فلا نستطيع أن نقول: إنها بمعنى "عند"؛ لأنه عند الزوال إنما يكون الأمر بعد الزوال.))
فهل هناك مثال آخرأو أمثله من القرآن الكريم أفادت فيه اللام معنى البعديه؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[منصور مهران]ــــــــ[04 Jul 2006, 10:57 م]ـ
في الحديث: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) فالصوم لا يكون إلا بعد الرؤية، وكذلك الإفطار.
وقال الشاعر:
فلما تفرقنا كأني ومالكا = لطول اجتماعٍ لم نبت ليلة معا
أي: بعد طول اجتماع. وبالله التوفيق.
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[06 Jul 2006, 12:46 ص]ـ
ماثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما ثم انطلق النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة لخمس بقين من ذي القعدة وقدم مكة لأربع ليال خلون من ذي الحجة
لأربع خلون من ذي الحجة
يعني بعد أربع خلون
وقد أشار إلى المعنى أبو حيان رحمه الله في البحر
ـ[منصور مهران]ــــــــ[06 Jul 2006, 02:13 م]ـ
استوقفني من استشهاد النحاة إيراد آية واحدة من القرآن الكريم يستشهدون بها على اللام التي بمعنى (بعد)، وهي آية: (أقم الصلاة لدلوك الشمس)، وهذه اللام لها شواهد كثيرة من الحديث النبوي، ووردت كثيرا في الشعر.
وحاولت مرارا البحث عن شاهد آخر في القرآن مما ذكره العلماء في هذا الموضوع - مثل كتاب (دراسات لأسلوب القرآن الكريم) للشيخ محمد عبد الخالق عضيمة، وغيره - فلم أجد بغيتي في المحفوظ والمقروء وخانتني الذاكرة فرأيت أنه من الصواب أن أقرأ القرآن الكريم من البداية وأجلت وِرد قراءتي لأحسن المتابعة والتدبر ولما أتممت القراءة وجدت موضعا جاءت فيه اللام بمعنى (بعد) تأكيدا؛ وذلك في قول ربنا تبارك وتعالى: (فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار) ذلك أن الاستغفار قبل الذنب معدود من الشكر فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يستغفر في اليوم والليلة مائة مرة، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فلا يكون الاستغفار تهيئة للذنب والعصيان بل اعتصاما بعصمة الله ليستحضر المستغفِر شناعة الذنب فلا يقع فيه، وإن وقع فعن غفلةٍ لا إصرار. وأما الاستغفار فيتأكد فعله بعد الذنب؛ لأن الاستغفار حسنة والحسنات يذهبن السيئات، وقد ورد في حديثٍ: (أحدث لكل ذنب توبة) وهو شاهد على المعنى ودلالة اللام، وفي بعض رواياته: (أحدث مع كل ذنب توبة) و لفظ (مع) هنا لا يمكن أن يدل على اقتران الذنب بالتوبة زمن الفعل بل المراد الإسراع بالتوبة فور التنبه والتذكر لخشية الله، فكأن التوبة لما خصصت لهذا الذنب كانت قرينته في التلازم والمعية، والله أعلم بالصواب.
ـ[أبو عبدالرحمن]ــــــــ[06 Jul 2006, 09:58 م]ـ
جزاكم الله خيرا على هذه الفوائد اليانعة.
أخي منصور: ألا يمكن أن يقال: إن اللام في قوله: {لذنبك} للتعليل، أي استغفر لأجل ما وقعت فيه من الذنب.
علما أني قلت هذا تفقها ولم أراجع كتب التفسير
ـ[منصور مهران]ــــــــ[07 Jul 2006, 03:08 م]ـ
عرض الأستاذ أبو عبد الرحمن وجها آخر لمعنى اللام في قوله تعالى: (واستغفر لذنبك) أن تكون للتعليل.
قلت: للنحاة طرائق في استنباط المعاني من الأوجه المحتملة، لذلك تتعدد الأقوال في المسألة الواحدة، ويكون أحيانا للرجل منهم أكثر من قول في الشاهد الواحد، ومع ذلك يظل الاختيار الأنسب للمعنى الأقرب، وقد وجدت في معنى الآية ذلك القرب فآثرته لما ترجح عندي، ولعل من هو أعلم مني يأتي ببيان وبرهان لا يسعني إلا قبوله، وباب المناقشة متاح لكل من أراد الحقيقة. هذه واحدة.
وأخرى وجدتها في آية: (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ... ) آل عمران / 81؛ فقد قرأ الحسن وحمزة ويحيى بن وثاب وهبيرة عن حفص عن عاصم (لِما) - بكسر اللام الجارّة وتخفيف الميم - (انظر: معجم القراءات القرآنية - للخطيب 1/ 535) وحكى القرطبي ان بعضهم جعلها في هذه القراءة بمعنى (بعد)، كما في قول النابغة الذبياني:
توهمت آياتٍ لها، فعرفتها = لستة أعوامٍ، وذا العامُ سابعُ
أي: (بعد) ما آتيتكم، و (بعد) ستة أعوامٍ. (القرطبي 4/ 126 - دار الكتب)
فلا بأس إن شاء الله من تعدد الأقوال في معاني الحروف مادام المعنى العام لا يختل، وبالله التوفيق.