تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[منهج أهل السنة في التفسير:]

ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[02 Aug 2006, 05:18 م]ـ

وضع ابن تيمية -رحمه الله- في رسالته "مقدمة في أصول التفسير" أصلا هاما يعتمد عليه في نقد تفاسير القرآن الكريم في كل زمان ومكان. وذلك أن هذا الأصل يعتبر من الثوابت التي لا تتغير والتي تعتبر معلما من معالم المنهج السني، سواء أكان الأمر يتعلق بعلم التوحيد أم بالتفسير أم بالفقه، وقد سطره ابن تيمية في مقدمة رسالته حتى يكون المقياس الذي يميز به الغث من السمين، ويفرق به بين الحق والباطل.

وهذا الأصل ينص على أن نقد النصوص يتوقف على أمرين لا ثالث لهما. فالعلم إما أن يؤخذ من مشكاة النبوة وهو الحق الأبلج والحجة البالغة، وإما رأي واجتهاد يقوم عليه دليل من العقل أو النقل. وقد نص ابن تيمية على هذا الأصل الهام باختصار شديد حيث قال: " والعلم إما نقل مصدق عن معصوم، وإما قول عليه دليل معلوم. وما سوى هذا فإما زيف مردود، وإما موقوف لا يعلم أنه بهرج ولا منقود".

وبناء على هذا الأصل يبين ابن تيمية أن الاختلاف في التفسير على نوعين، ذلك حسب الأصول التي يستند إليها المفسرون وهي إما نقلية أو عقلية:

النقل:

وهو إما أن يكون عن معصوم أو عن غير معصوم، وهذا بذاته يفرعه ابن تيمية إلى قسمين:

1 - ما يتوصل إلى معرفة صحته فيؤخذ به مطلقا ولا يجوز تجاوزه إلى غيره.

2 - ما لا يتوصل إلى معرفة صحته من ضعيفه وهذا يتوقف عنده ولا يجزم فيه برأي، ومن ذلك ما ينقل عن كعب ووهب ومحمد بن إسحاق، وغيرهم ممن يأخذون عن أهل الكتاب، وهذا القسم الثاني من النقل هو مما لا فائدة فيه، ومثاله الاختلاف الحاصل في أحوال أهل الكهف، وفي البعض الذي ضرب به قتيل بني إسرائيل من البقرة، وغير ذلك مما يختلف فيه المقرون اختلافا كبيرا، وهو مما لا فائدة فيه على الإطلاق، فالحق سبحانه ما ترك من أمر يفيد الناس في دينهم أو دنياهم إلا أقام عليه الدليل نقلا أو عقلا.

العقل أو الإستدلال:

وأما ما كان مصدره العقل أو الرأي أو ما يسميه ابن تيمية بالإستدلال، فإن الخطأ فيه يكون من ناحيتين:

الأولى:

أن يأتي المفسر إلى القرآن طالبا دليلا ينتصر به لرأيه أو مذهبه بحيث يجعل القرآن تابعا ولا متبوعا، ومأمورا لا أميرا، وهؤلاء قد ركزوا على المعنى الذي ذهبوا إليه دون النظر إلى دلالة وبيان ألفاظ القرآن مما يجعلهم يحملون اللفظ القرآني على غير محمله.

والمتتبع لتفسيرات هؤلاء المفسرين يجدهم يتعاملون مع النص القرآني بمنهجين متباينين، ولكنهما متكاملان من حيث الغاية والهدف، ذلك أنهم يحاولون أن يستدلوا على صحة مذهبهم وينتصروا له بآيات ليست دالة على ما ذهبوا إليه، وهم يحملونها على ظاهرها دون مراعاة للسياق الذي وردت فيه.

وأما إذا وجدوا في القرآن ما يعارض مذهبهم فإنهم يسارعون إلى تأويله بتأويلات منحرفة وضالة وبعيدة عما دلت عليه في سياقها، مدعين أن ذلك من المتشابه، وممن سلك هذا المسلك - في نظر ابن تيمية - الفرق الضالة التي اعتقدت مذهبا يخالف الحق الذي عليه سلف الأمة وأئمتها، ومنهم الخوارج والروافض والجهمية والقدرية والمرجئة والمعتزلة وغيرهم.

وهؤلاء قد يخطئون مرة في الدليل وحده، وقد يخطئون في الدليل والمدلول وذلك حسب المنهج الذي اتبعوه في تأويلهم لآي الذكر الحكيم.

الثانية:

أن يعمل المفسرون على تفسير القرآن بمجرد ما يدل عليه اللفظ العربي، وما يريد به الناطق بالعربية دون مراعاة خصوصية القرآن الكريم.

وهؤلاء يركزون أكثر ما يركزون على اللفظ وحده دون اعتبار للسياق القرآني، فيكون غلطهم في المعنى -الذي حملوا عليه آي الذكر الحكيم – فاحشا.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير