تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[في مفهومية المرجعية القرآنية - النص الإلهي يدعو إلى التفكير وينهى عن التبعية]

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Sep 2006, 07:06 م]ـ

هذا مقال نشر في جريدة عكاظ يوم الخميس 14/ 8/1427هـ (7/ 9/2006م) العدد 1908 بعنوان:

في مفهومية المرجعية القرآنية

النص الإلهي يدعو إلى التفكير وينهى عن التبعية

للكاتب وليد سامي أبو الخير- طالب دراسات العليا في اصول الفقه.

[email protected]

وقد طرح الكاتب في مقاله مسائل جديرة بالنقاش، فإليكم نص المقال:

تبقى إشكالية ماهية المرجعية المعرفية للفرد المسلم ومن ثم الجماعة المسلمة هي الاشكالية الاعمق غوراً في التراث الاسلامي، باعتبارها الاعوص تاريخياً من جهة، ومن جهةاخرى بالنظر الى حجم ما يعتور هذه القضية من التباس مفاهيمي عميم، وفي كل الاحوال فإنني سأقصر الحديث هنا على معالجة بعض الالتباسات المصاحبة لمفهومية المرجعية القرآنية دون غيرها، تقدمة لما هو اولى بالتقديم، ثم لكيلا يتشعب بنا المقام ويطول.

ان جمعا من المفسرين الذين عمموا مدلول الآيتين التاليتين دونما مستند يصح التوكؤ عليه، هما قوله تعالى: «ما فرطنا في الكتاب من شيء «وقوله»: «ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء». فالقرطبي مثلا في كتابه احكام القرآن استطرد قائلاً: وقد قال بعض من طعن في الدين ان الله يقول: «ما فرطنا في الكتاب من شي» فأين التوابل المصلحة للطعام من الملح والفلفل وغير ذلك؟ فقيل له في قوله تعالى: «بما ينفع الناس» وفي قوله: «وما انزل الله من السماء من ماء»!

كما ان ابن كثير في تفسيره احتج برأي ابن مسعود القائل فيه: «قد تبين لنا في هذا القرآن علم كل شيء لكن علمنا يقصر عما بين لنا» رادا باحتجاجه ذاك رأي مجاهد بأن التبيان المقصود به كل حلال وكل حرام ليقول ان رأي ابن مسعود اعم واشمل، فالقرآن اشتمل على كل علم نافع من خبر ما سبق وعلم ما سيأتي، وكل حلال وحرام وما الناس اليه محتاجون في امر دنياهم ودينهم ومعاشهم ومعادهم.

وان كنا لسنا في حاجة لأن نطيل الرد على هذا الرأي المشتهر تراثيا بيد اننا نلفت سريعا عناية القارئ المهتم الى التفات ابن الجوزي لهذا الخطأ الدلالي الكبير والذي وقع فيه كثير ممن سبقه وممن لحقه من علماء الامة، فبين ان تلكما الآيتين انما هي الفاظ عامة اريد بها معنى خاص، حالها حال قوله تعالى الذي جاء واصفا لريح عاد: «تدمر كل شيء بأمر ربها» فهل دمرت السماوات والارض؟ وقوله تعالى عن ملكة سبأ: «واوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم» فهل ملكت السماوات والارض؟ اذن لا مفر من تخصيص العام والقول بأن القرآن جاء تبيانا للأمور الكلية التي يستقيم بها امر الدين، ولم يأت مضمنا معانيه توابل الطعام او منافع الدنيا او حوادث الكون (تجدر الاشارة هنا الى ان بعضا من المفسرين قد حمل الاية الاولى على معنى آية سورة الكهف «مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها» وهو حمل جيد يعضّده السياق) ومما تناثر في كتب اصول الفقه ان المعاني المستنبطة اما ان تكون مقصودة جاء النص الشرعي لها واما ان تكون غير مقصودة، فإن كانت الاخيرة غدت على ضربين اما ان السياق يقتضيها باشارته او بدلالته لها لغة او باقتضائه لها عقلا، وبناء على ما سبق فإنك لن تجد ابدا معنى التوابل في القرآن، اللهم الا أن يكون الزاما بما لا يلزم، الالزام الذي ان تنبهنا له لوجدنا وبتقديراولي ان ما يربو عن ثلث موروثاتنا الشرعية هي من ذلكم القبيل، لا سيما ما كان منها متعلقا باجتهادات الأئمة السابقين، وما دام ان الامر كذلك فليس خافيا عظم قيمة الدعوات الرامية الى تجديد التراث واعادة النظر فيه.

اننا ان قلنا بأن القرآن كتاب هداية فالذي يلزم قائله ان القرآن لم يفرط في شيء مما يتصل من قريب او من بعيد بموضوع الهداية، والكلام من هذه الجهة لا يعتريه لبس او غموض، بيد اننا ان قلنا بأن القرآن شفاء عضوي للأمراض للزم من ذلك ان تصدقه الوقائع المتكاثرة المفيدة للقطع، وكذلك اذا قلنا بأن القران كتاب معرفي شامل فالذي يجب الا تخلو منه نظرية معرفية كبرى سواء اكان ذكرها قد ورد تحديدا ام تعريضا ومن هذه الجهة يبدأ الخلط والتلبيس، وتتجلى الممارسة الانتقائية لعدد ممن انتسبوا للظاهرة الاسلامية، فعلى سبيل المثال نقف على استشهادات عدة لبعض من حمّل معاني

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير