تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[التفسير على المذهب:]

ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[17 Aug 2006, 04:00 ص]ـ

"والتفسير على المذهب " مصطلح استعمله ابن تيمية عند تصنيفه لمناهج التفسير، حيث بين أن هذا التصنيف ينبغي أن لا يقوم على الأساس التاريخي، أو على أساس الكتاب والسنة وأقوال السلف من صحابة وتابعين.

وقد بينا سابقا أن المنهج النقلي هو الذي له أصل في الدين إذ يرتكز على هذه المبادئ الأربعة، وقد يتجاوزها إلى الإستدلال والإستنباط، ولكن مع استحضارها دائما في وعي المفسر بحيث تكون عملية الإجتهاد إما قائمة على نص، أو غير تعارضة معه، كما يراعي فيها عدم التعارض مع مقاصد الشريعة.

أما التفسير على المذهب فهو التفسير الذي لا أصل له في الدين حيث ينطلق من أصول ابتدعها مشايخ الطرق الصوفية، وأصحاب المذاهب الكلامية والفلسفية ويعتبرونها هي الأصل الذي ينبغي أن يقاس عليه. وفي ذلك يقول ابن تيمية:"إن السلف كان اعتصامهم بالقرآن والإيمان، فلما حدث في الأمة ما حدث من التفرق والإختلاف صار أهل التقرف والإختلاف شيعا، صار هؤلاء عمدتهم في الباطن ليست على القرآن والإيمان،ولكن على أصول ابتدعها شيوخهم، عليها يعتمدونفي التوحيد والصفات والقدر والإيمان بالرسول وغير ذلك، ثم ما ظنوا أنه يوافقها من القرآن احتجوا به، وما خالفها تأولوه. فلهذا تجدهم إذا احتجوا بالقرآن والحديث لم يعتنوا بتحرير دلالتهما ولم يستقصوا ما في القرآن من ذلك المعنى إذ كان اعتمادهم في نفس الأمر على غير ذلك، والآيات التي تخالفهم يشرعون في تأويلها شروع من قصد ردها كيف أمكن، ليس مقصوده أن يفهم مراد الرسول بل أن يدفع منازعه عن الإحتجاج بها".

وهذا النص يوضح لنا أن الخلاف بين أهل السنة ومن عداهم من فلاسفة، ومتكلمين، وصوفية خلاف جوهري وليس خلافا جوهريا وليس خلافا عرضيا أو لفظيا كما يدعي البعض، إذ إن الأصول التي يعتمدها أهل السنة في التفسير، وفي مباحثهم العقدية هي غير الأصول التي يعتمدها أهل البدع والضلالة، كما ان المقصد من البحث يختلف تماما.

والامر لا يختلف عن هذا كثيرا في ما يتعلق بالموقف السلفي، والموقف الصوفي من تفسير النص القرآني حيث نجد السلف -كما أسلفنا - ينطلق من القرآن، ويعتبره هو مصدر المعرفة الوحيد،ومعين الحقيقة الذي لا ينضب، فمنه يغترف،وإليه يلجأ. أما الصوفية فموقفهم مخالف تماما، فهم يعتبرون الذوق والوجد هو مصدر المعرفة الحقة، ومعنى ذلك أن المعرفة ينبغي أن تنطلق من ذات الإنسان لا من شيء خارج عنه. وقد ترتب عن نظريتهم في المعرفة أن صاروا يعبدون

الله بالذوق والوجد، لا بالشرع والإتباع، ويفضلون الأولياء على الانبياء "وأما عرافهم الذين يعلمون حقيقة قولهم فيعلمون أنه ليس الأمر كذلك، ويقولون ما يقول ابن عربي ونحوه أن الأولياء أفضل من الأنبياء وأن خاتم الأولياء أفضل من خاتم الأنبياء. وأن جميع الأنبياء يستفيدون معرفة الله من مشكاة خاتم الأولياء، وأنه يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يأتي خاتم الأنبياء. فإنهم متجهمة متفلسفة، يخرجون أقوال المتفلسفة والجهمية في قالب الكشف".

فالموقف الصوفي هو نفس الموقف الكلامي أو الفلسفي، وإن بدا الإختلاف في الظاهر في الأدوات المعرفية، حيث يعتمد الأوائل على الذوق والوجد والمكاشفة، ويعتمد الآخروه على العقل وحكمة اليونان. والهدف والمقصد واحد وهو نسخ الشرائع والتحلل منها وإفشاء الزندقة والإلحاد في الأمة. ولعل ذلك هو ما خول لنا جمع تفسيرات المتكلمة والفلاسفة والصوفية تحت عنوان: التفسير على المذهب.

ويمكننا أن نحدد وجوه الإختلاف بين أهل السنة وغيرهم من المتكلمة والفلاسفة والصوفية في النقط التالية:

1 - أهل السنة يعتمدون الأصول الأربعة، وهي الكتاب والسنة وأقوال الصحابة وإجماع التابعين، وهي عندهم أصل وحجة يقيسون عليها كل ما سواها، ولا تقاس على غيرها، مع مراعاة التدرج والترتيب المذكور أثناء مباشرة عملية تفسير الخطاب القرآني. أما المتكلمون، والفلاسفة، والصوفية فكل واحد منهم يجعل العقل أو الذوق أو أقوال المشايخ وحكماء اليونان حجة وأصلا يقيس عليه كل ما خالفه من كتاب وسنة وأقوال الصحابة والتابعين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير