تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مالفرق بين الخوف والوجل والشفقة والخشية والرهبة]

ـ[عبدالله الرابغي]ــــــــ[25 Aug 2006, 11:32 م]ـ

الأساتذة الفضلاء ..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أنا جديد في هذا الملتقى ولست متخصصا في التفسير، وإنما فضولي على موائد علمكم وبحار معارفكم.

جمعت بعض الآيات المتعلقة بالخوف لأنظر فيها وأستفيد غير أني وجدت ألفاظاً متقاربة ولم أعرف الفرق بينها وهذه هي:

الخوف والوجل والشفقة والخشية والرهبة

مع العلم أنه في بعض الأحيان تأتي كلمتان في آية واحدة.

مثل قوله تبارك وتعالى: " والذين هم من خشية ربهم مشفقون"

آمل منكم التكرم بالتوجيه.

وشكرا

ـ[روضة]ــــــــ[26 Aug 2006, 01:51 م]ـ

ذكر الراغب الأصفهاني الفرق بين هذه الكلمات، في كتابه (الفروق اللغوية)، ص270، وما بعدها، ولكني سأنقل هنا ما جاء في بحث لفضيلة الدكتور فضل حسن عباس، بعنوان: (المفردات القرآنية مظهر من مظاهر الإعجاز)، نشرته مجلة (دراسات)، الجامعة الأردنية، مجلد11، عدد4، عام 1984.

يقول: جاء فيما كتبه السيوطي رحمه الله ألفاظ يُظن بها الترادف، وليست منه، من ذلك الخوف والخشية، لا يكاد اللغوي يفرق بينهما، ولا شك أن الخشية أعلى منه، وهي أشد من الخوف؛ فإنها مأخوذة من قولهم: شجرة خشية، أي يابسة.

وهو فوات بالكلية، والخوف من قولهم: ناقة خوفاء، أي بها داء وهو نقص، وليست بفوات، ولذلك خصّت الخشية بالله في قوله: (وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ).

وفرق بينهما أيضاً أن الخشية تكون من عظم المختشى، وإن كان الخاشي قوياً، والخوف يكون من ضعف الخائف، وإن كان المخوف أمراً يسيراً، ويدل على ذلك أن الخاء والشين والياء في تقاليبها تدل على العظمة، نحو: شيخ، للسيد الكبير، وخيش لما غلظ من اللباس، ولذا وردت الخشية غالباً في حق الله، من خشية الله (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء)، وأما (يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ)، ففيه نكتة لطيفة، لأنه وصف الملائكة، ولما ذكر قوتهم وشدة خلقهم عبر عنهم بالخوف لبيان أنهم وإن كانوا غلاظاً شداداً فهم بين يديه تعالى ضعفاء، ثم أردفه بالفوقية الدالة على العظمة، فجمع بين الأمرين، ولما كان ضعف البشر معلوماً لم يحتج إلى التنبيه عليه.

وأقول: إن الوجه الأخير الذي أشار إليه السيوطي هو الذي اقتصر عليه الراغب الأصفهاني، حيث قال: الخشية خوف يشوبه تعظيم، وأكثر ما يكون ذلك من علم بما يخشى منه، ولكن السيد محمد رشيد رضا رحمه الله لم يرتضِ ما ذكره الراغب، فقال رحمه الله: "إن القيد الذي ذكره الراغب لا يظهر في كل الشواهد التي وردت من هذا الحرف في القرآن وكلام العرب ـ وبعد أن استشهد على ذلك بشيء من أقوال العرب قال ـ: فإن كان بين الخوف والخشية فرق فالأقرب عندي أن تكون الخشية هي الخوف في محل الأمل، ومن دقق النظر في الآيات التي ورد فيها حرف الخشية يجد هذا المعنى فيها، ولعل أصل الخشية مادة خشت النحلة تخشو، إذا جاء ثمرها دقلاً (رديئاً)، وهي مما يرجى منها الجيد".

وإذا تتبعنا الآيات القرآنية الكريمة، ندرك الفروق سواء ما ذكره الراغب، أم غيره، فلا ضير أن يكون هناك أكثر من فرق بين الكلمتين، فقوله سبحانه وتعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء)، يشهد لما قاله صاحب المنار، من أن الخشية خوف في محل الأمل، ومن أحق من العلماء بهذا الخوف وبذلك الأمل؟! ولا يتنافى مع ما قاله الراغب، من أن الخشية: خوف يشوبه التعظيم، والعلماء حقيقون بهذا التعظيم، حريصون عليه.

وما دمنا نتحدث عن الخوف والخشية واستعمالها في كتاب الله تعالى، فإنه يجمل بنا أن نذكر بعض الألفاظ التي تشبه هاتين الكلمتين، والتي كثيراً ما تفسَّر بمعنى واحد، فمن ذلك كلمة (الإشفاق)، والكثيرون يفسرونها بالخوف، ولكننا حينما نمعن النظر في آي القرآن الكريم نجد بوناً بينهما شاسعاً، فهذه الكلمة (الإشفاق) تكاد تقتصر استعمالاتها على عباد الله تبارك وتعالى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير