تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تعريف بسيد قطب وآثاره العلمية:]

ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[15 Aug 2006, 03:46 ص]ـ

تعريف بسيد قطب وآثاره العلمية.

ولد سيد قطب عام 1326هـ الموافق لسنة 1906م، وقد عاش في أسرة وسط، لا هي بالثرية ثراء فاحشا، ولا هي بالفقيرة التي تعيش الفاقة والخصاصة. وكان للجو والبيئة اللذين ولد فيهما أثر عظيم على حياته، فقد ولد في بيئة مليئة بالأولياء والمشعوذين، فكان أن ارتسمت في نفسه معالم الانحراف عن المحجة البيضاء، ونهج سبل الشيطان، فوجدناه بعد أن شب ونضج فكره يولي اهتمامه لتصحيح عقيدة المسلم، فكانت كتاباته كلها تقريبا تصب في مصب واحد، ألا وهو تحديد خصائص التصور الإسلامي ومقوماته.

اما البيت الذي نشأ فيه سيد قطب فهو بيت صلاح وفلاح، فضلا عما كان عليه أفراده من علم ووعي سياسي، فأبوه كان من الوطنيين الغيورين الذين شاركوا في ثورة عرابي (1882م)، وأخواله كانوا على قدر غير يسير من العلم، مما هيأ لسيد فرصة التعلم والتحصيل، فقد دفع به أبوه وهو طفل صغير إلى الكتاب ليحفظ القرآن الكريم، ونظرا للحالة المزرية التي كانت عليها الكتاتيب أخرجه منها ليلحقه بالمدرسة النظامية بالقرية، وذلك دون أن يهمل تحفيظه القرآن، فكان أن جمع بين حسنات التعليم النظامي الجاد والمثمر، وحفظ القرآن الكريم الذي أتم حفظه ولما يبلغ العاشرة من عمره.

وبعد أن أتم دراسته الابتدائية بمدارس القرية، رحل إلى القاهرة ليلتحق بمدرسة ثانوية كانت تسمى "تجهيزية دار التعليم"، التي تخرج منها بعد مدة من الزمن، مما جعله مؤهلا لإتمام دراسته العليا بكلية دار العلوم، وقد كان من ألمع طلبتها نجابة ونبوغا وخلقا، وفي هذه المرحلة من عمره بدأت مواهبه الفنية عامة، والأدبية خاصة تتفتح، ولعل أولى ثمراتها كتابه "مهمة الشاعر في الحياة" الذي قدم له الدكتور محمد مهدي علام وهو من أساتذة سيد قطب بدار العلوم بقوله: «إنني لأعد سيد قطب مفخرة من مفاخر دار العلوم، وإذا قلت دار العلوم فقد عنيت دار الحكمة والأدب». وبعد تخرجه من دار العلوم أصبح أستاذا بمدرسة ابتدائية بدمياط، ومارس في هذه الفترة كتابة الأدب بكل فنونه وأجناسه، من نقد، وقصة وشعر، وخاطرة، كما أن الصحف عرفته كصحفي مبدع، فكتب في كثير من الصحف كالأهرام، والأسبوع، والرسالة، والشرق الجديد، والعالم العربي، وغيرها من الصحف والمجلات، ولم يكن متقيدا بإحداها، بل كان ينتقل من واحدة إلى أخرى مما يبرهن على حرصه الشديد على حريته الفكرية.

وفي سنة 1948 ابتعث من طرف الحكومة المصرية إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليقضي عامين هناك قصد دراسة نظم ومناهج التربية الحديثة، ولكنه خيب آمال باعثيه بعد عودته إلى مصر سنة 1950، ذلك أنه رفض الإسهام في جعل مصر حقلا من حقول التجارب التي تطبقها أمريكا على أبناء وأجيال الدول النامية. وقد كان سفر سيد قطب إلى أمريكا نقطة تحول كبير في حياته الفكرية، ذلك أنه وقف على معالم ومظاهر الفساد الأخلاقي في المجتمع الغربي، وتدني قيمة الإنسان أمام الآلة، بحيث أصبح عبدا لها. فكان أن أعلن سخطه على مادية الغرب ومساوئها، فراح يحذر المسؤولين والقائمين على تربية أبناء المسلمين من خطر الثقافة الغربية على عقيدتنا، وقيمنا وأخلاقنا، وعلى استقرار مجتمعاتنا، فأعلنها حربا شعواء على الثقافة الغربية، ومن يتبناها من المستغربين وكان يبث ذلك في المقالات الصحفية، والندوات الفكرية، وقد جمع كل انتقاداته للثقافة الغربية المادية في كتابه، وهو "أمريكا التي رأيت ".

وبعد عودته من أمريكا، واطلاعه على ما آلت إليه الإنسانية من مصير ينذر بالشؤم أصدر مجلة "الفكر الجديد" التي كان يمولها صاحب مطبعة وهو السيد "محمد حلمي المناوي"، وكان من أهداف المجلة التصدي لمعالم الفساد في المجتمع المصري، والمتمثل في بعض الإقطاعيين (الباشوات) والرأسمالية الجشعة التي كانت يومئذ تدير دفة الأمور السياسية والاقتصادية. وفي سنة 1951 انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين، ليصبح من أبرز مفكريها ودعاتها وفور خروج الإخوان المسلمين من معتقلات فاروق سنة 1952 انتخب سيد قطب عضوا في مكتب الإرشاد للجماعة، وعين رئيسا لقسم نشر الدعوة في المركز العام للجماعة. وفي مارس 1953 انتدبته لجنة حلقة الدراسات الاجتماعية المصرية ليمثلها في مؤتمر حلقة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير