ـ[أبو فاطمة الأزهري]ــــــــ[23 Jul 2006, 11:01 م]ـ
الدكتور السالم بارك الله فيه
أود أن أنبه إلى أنني إنما أردت التنبيه على أهمية الرجوع إلى السنة فحسب ولا أظن أن كلامي يفهم منه أن ذلك يكون بمنأى من اللغة العربية أو بمنأى من أي علم آخر يحتاجه المفسر، بل إن معرفة اللغة العربية لا تحتاج إلى تنبيه في مثل هذا المقام إذ إنها من أهم
ما ينبغي على المفسر علمه عموماً وليس فقط عند الدعوة إلى التنبه لمكانة السنة في التفسير وهذا من أوضح الأمور.
أما قوله تعالى: " قل ما كنت بدعاً من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم " فهي واضحة أن المقصود بها: أي في المستقبل فما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم من أمر المستقبل إلا ما علمه الله عز وجل قال ابن كثير رحمه الله:
وقال أبو بكر الهذلِيّ، عن الحسن البصري في قوله: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ} قال: أما في الآخرة فمعاذ الله، قد علم أنه في الجنة، ولكن قال: لا أدري ما يفعل بي ولا بكم في الدنيا، أخرج كما أخرجت الأنبياء من قبلي؟ أم أقتل كما قتلت الأنبياء من قبلي؟ ولا أدري أيخسف بكم أو تُرمون بالحجارة؟
وهذا القول هو الذي عَوّل عليه ابن جرير، وأنه لا يجوز غيره، ولا شك أن هذا هو اللائق به، صلوات الله وسلامه عليه، فإنه بالنسبة إلى الآخرة جازم أنه يصير إلى الجنة هو ومن اتبعه، وأما في الدنيا فلم يدر ما كان يئُول إليه أمره وأمر مشركي قريش إلى ماذا: أيؤمنون أم يكفرون، فيعذبون فيستأصلون بكفرهم؟ أهـ
أما ما ذكره الدكتور دراز فقد كان مقصوده ما نزل عليه من الوحي والفرق بينهما واضح.
وأياً كان معنى النسخ فقد كان يعلم النبي صلى الله عليه وسلم معناها لكن الدكتور دراز قال:
وموضع الشاهد منه أن النبي لو كان يعلم تأويلها من أول الأمر لبين لهم خطأهم ولأزال اشتباههم من فوره لأنه لم يكن ليكتم عنهم هذا العلم وهم في أشد الحاجة إليه ولم يكن ليتركهم في هذا الهلع الذي كاد يخلع قلوبهم وهو بهم رءوف رحيم. ولكنه كان مثلهم ينتظر تأويلها أهـ
وأيضاً فقد قال:
قلي ـ كذا ـ بربك أي عاقل توحي إليه نفسه كلاماً لا يفهم هو معناه وتأمره أمراً لا يعقل هو حكمته؟ أهـ
ولعل كلامه واضحاً.
ثم يؤكده قوله:
ولأمر ما وضع حرف التراخي في قوله تعالى: " ثم إن علينا بيانه " أهـ
وظاهر منه أنه يفسر البيان في الآية بالتفسير وهو ما يفيد أن تفسير الآية قد يتأخر علمه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الأخ العبادي بارك الله فيه
أنا ما ناقشته في النتيجة ـ وهي صدق الوحي وأن النبي ناقل ـ إنما كان كلامي ـ وهو واضح تمام الوضوح ـ في المقدمة التي أراد أن يصل بها إلى هذه النتيجة. ومن المعلوم أنه قد يكون هناك مقدمات غير صحيحة يتوصل بها إلى نتائج صحيحة.
أما تفسيرك لمراد الشيخ فأرجو أن توقف بينه وبين ما نقلت ـ آنفاً ـ من النصين السابقين.
أما الأمر الثاني الذي ذكرته فهو تنبيه جيد، ولعله يكون مراعى فيما بعد إن شاء الله تعالى.
وفقنا الله وإياكم للخير.