وفي آخر تفسيره لسورة البقرة بين معنى كونها السنام بقوله: " فلذلك كانت سورة البقرة سناماً له والسنام أعلى ما في الحيوان المنكب وأجمله جملة وهو البعير، وكانت سورة آل عمران تاج القرآن والتاج هو أعلى ما في المخلوقات من الخلق القائم المستخلف في الأرض ظاهره وفي جميع المكون إحاطته؛ فوقع انتظام هاتين السورتين على نحو من انتظام الآي .... وكانت منزلة سورة آل عمران منزله تاج الراكب وكان منزله سورة البقرة منزلة سنام المطية؛ قال صلى الله عليه وسلم: " لكل شيء سنام وسنام القرآن سورة البقرة، لكل شيء تاج وتاج القرآن سورة آل عمران " (28)
بعض الملحوظات:
1 - هناك تقصير واضح من الإمام البقاعي في محاولة الربط بين أسماء السورة ومقصودها،و سبب ذلك والله أعلم راجع إلى أن نظريته التي اكتشفها في علا قة الاسم بمقصود السورة لم تكتمل، ولم تظهر معالمها إلا بعد أن وصل إلى سورة سبأ، وقد صرح بذلك في مقدمة كتابه نظم الدرر قائلا: " وقد ظهر لي باستعمالي لهذه القاعدة بعد وصولي إلى سورة سبأ في السنة العاشرة من ابتدائي في عمل هذا الكتاب أن اسم كل سورة مترجم عن مقصودها لأن اسم كل شيء تظهر المناسبة بينه وبين مسماة عنوانه الدالّ إجمالاً على تفصيل ما فيه؛ وذلك هو الذي أنبأ به آدم - عليه الصلاة والسلام - عند العرض على الملائكة عليهم الصلاة والسلام ومقصود كل سورة هادٍ إلى تناسبها، فأذكر المقصود من كل سورة وأطبق بينه وبين اسمها (29)
2 - روايته لبعض الأحاديث التي سبق وأن ذكرناها ولكن مع شيء من الادراج في ألفاظها والسبب ذلك نقله عن الامام الحرالي دون التحقيق في ألفاظ الأحاديث فقد ذكر حديث سهل بن سعد بهذا اللفظ: "
قال صلى الله عليه وسلم: " لكل شيء سنام وسنام القرآن سورة البقرة، لكل شيء تاج وتاج القرآن سورة آل عمران " وإنما بدىء هذا الترتيب لسورة الكتاب لأن علم الكتاب أقرب إلى المخاطبين من تلقي علن أمر الله، فكان في تعلم سورة البقرة والعمل بها تهيؤ لتلقي ما تضمنته سورة آل عمران ليقع التدرج والتدرب." (30)
وليس في روايات الحديث " لكل شيء تاج وتاج القرآن سورة آل عمران.
3 - نجد الإمام البقاعي لا يعدد أسماء السورة في تفسيره كما يعددها في كتابه مصاعد النظرفهو يعددها في كتابه الأخيربقوله-مثلا-: " سورة" براءة ": " واسمها أيضًا التوبة، والفاضحة، والبحوث، والمبعثرة, والمثيرة، والحافرة، والمخزية، و المشردة، والمرشدة والمنكلة، والمدمدمة، وسورة البعوث، وسورة العذاب، والمقشقشة " (31)
لكنه لم يذكر في تفسيره من هذه الاسماء إلا البعض منها
ــــــــــــــــــــــ
(1) زاد المعاد في هدي خير العباد (2/ 323 - 324).ط:الأولى (1419هـ،1998م) بيروت، لبنان.
(2) الجامع لأحكام القرآن الكريم لأبي عبد الله القرطبي (4/ 5) طبعة دار الفكر (1415هـ-1995م)
(3) نظم الدررللإمام البقاعي (1/ 34)
(4) المرجع نفسه (1/ 35)
(5)) المرجع نفسه (1/ 34)
(6) المرجع نفسه (1/ 36)، قال صاحب القاموس (ص: 1235: المُنَّةُ بالضم: القوة)
(7) مصاعد النظر (1/ 98)
(8) تفسير الطبري (1/ 100)
(9) البرهان في علوم القرآن (1/ 270)
(10) الاتقان في علوم القرآ ن (1/ 115)
(11) المرجع نفسه (1/ 117 - 123)
(12) رواه مسلم الحديث رقم (804) وابن حبان (1/ 35) والحاكم في مستدركه (1/ 752) والطبراني في معجمه الأوسط (1/ 150) وأحمد (5/ 249) الطبراني في معجمه الكبير (8/ 118).
(13) تفسير القرطبي (4/ 5) طبعة دار الفكر (1415هـ-1995م)
(14) رواه ابن حبان في صحيحه (1/ 188)
(15) رواه النسائي في اليوم والليلة ص:201
(16) سنن الترمذي الحديث رقم (2878)
(17) رواه الدارمي رقم الحديث (3372)
(18) لسان العرب (12/ 306) النهاية في غريب الحديث لابن الاثير (2/ 409)
(19) رواه النسائي في اليوم والليلة ص:201
(20) في مسند الفردوس ص:55
(21) سنن الدارمي رقم الحديث (3371)
(22) النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (3/ 445) لسان العرب (7/ 372).
(23) مفاتيح الغيب للرازي (2/ 56)
(24) مصاعد النظر (2/ 48)
(25) نظم الدرر (2/ 2)
(26) نظم الدرر (1/ 139)
(27) نظم (1/ 274)
(28) المرجع نفسه (1/ 274)
(29) نظم الدرر (1/ 19)
(30) نظم الدرر (2/ 2)
(31) مصاعد النظر (2/ 151)
ملحوظة: النسخة المحال عليها لكتاب نظم الدرر هي نسخة مكتبة المشكاة.
من كلام الإمام عبد القادر الجيلاني: " كن صحيح الباطن تكن فصيح الظاهر"
ـ[مهند شيخ يوسف]ــــــــ[23 Aug 2006, 06:06 م]ـ
جزاكم الله خيرًا على هذا المقتحم الصعب الذي اقتحمتموه ... وإنه لجدير بالاقتحام، إذ الهجوم على تفسير السورة قبل إدراك مقصدها ومحورها مظنة الخطأ والتقصير!!
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[25 Aug 2006, 12:07 ص]ـ
الحمد لله حمدا يوافي نعمه، ويكافيء مزيده.
والصلاة والسلام على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير صلوات ربي وسلامه عليه، وأما بعد:
السلام عليكم الأخ الفاضل: مهند شيخ يوسف، وجزاك الله خيرالجزاء، نحن في الجزائرنعاني من هذا الذي وصفت، بل إن بعضهم لا يحسن مبادئ علوم الآلة، ثم يلج مواطن تعجز عن ولوجها الإبر، وقد قلت يوما في أمثال هؤلاء:
يفسر الكتاب بالتخمين ... مع القصور في علوم الدين
¥