ويحتمل ايضا ان ضحكها لسرورها بالبشارة بالولد. وان كان ظاهر الاية ينفي هذا التفسير, لان البشرى باسحاق كانت بعد ضحكها, الا ان يقال: انهم بشروا ابراهيم اولا بالولد, واحتملت سارة ان سيكون الولد منهافتعجبت , وانه هل يمكن لامراة عجوز وفي هذه السن ان يكون لها ولد من زوجها؟ لذلك سالتهم بتعجب فاجابوهابالقول: نعم , وهذا الولد سيكون منك. والتامل في سورة الذاريات بهذا الشان يؤكد ذلك.
وينبغي الالتفات هنا الى ان بعض المفسرين يصرون على ان ضحكت مشتقة من ضحك بمعنى العادة النسائية وهي الحيض وقالوا: ان سارة بعد ان بلغت سن الياس اتتها العادة في هذه اللحظة وحاضت , والعادة الشهرية تدل على امكان انجاب الولد, ولذلك فحين بشرت باسحاق امكنها ان تصدق ذلك تماما ... وهؤلاءالمفسرون استندوا في قولهم الى لغة العرب , حيث قالوا في هذا الصدد: ضحكت الارنب , اي حاضت.
ولكن هذا الاحتمال مستبعد من جهات مختلفة:
اولا: لانه لم يسمع ان هذه المادة استعملت في الانسان بمعنى الحيض في اللغة العربية , ولهذا فان الراغب حين يذكر هذا المعنى في مفرداته يقول بصراحة: ان هذا ليس تفسير جملة فضحكت كما تصوره بعض المفسرين , بل معناها هو الضحك المالوف , ولكنها حاضت وهي في حال الضحك ايضا, ولذلك وقع الخلط بينهما.
ثانيا: اذا كانت هذه الجملة بمعنى حصول العادة النسائية فلا ينبغي لسارة ان تتعجب من البشرى بالولد اسحاق لانه - والحال هذه - لا غرابة في الانجاب , في حين نستفيد من الجمل الاخرى انها لم تتعجب من الانجاب فحسب , بل صرخت وقالت: (يا ويلتى االد وانا عجوز وهذا بعلي شيخا).
وعلى كل حال فان هذا الاحتمال في الاية يبدو بعيدا جدا.
ثم تضيف الاية ان اسحاق سيعقبه ولد من صلبه اسمه يعقوب: (فبشرناها باسحاق ومن وراء اسحاق يعقوب).
الواقع ان الملائكة بشروها بالولد وبالحفيد, فالاول اسحاق والثاني يعقوب , وكلاهما من انبياء اللّه.
ومع التفات سارة امراة ابراهيم الى كبر سنها وسن زوجها فانها كانت آيسة من الولد بشدة , فاستنكرت بصوت عال متعجبة من هذا الامر و (قالت ياويلتا االد وانا عجوز وهذا بعلي شيخا ان هذا لشي ء عجيب).
وكان الحق معها, لانه طبقا للاية (29) من سورة الذاريات , فانها كانت في شبابها عاقرا, وحين بشرت بالولدكان عمرها - كما يقول المفسرون وتذكره التوراة في سفر التكوين - تسعين عاما او اكثر, اما زوجها ابراهيم (ع) فكان عمره مئة عام او اكثر.
وقد جاء في كتب المنطق:
(الواسطة الخارجية تكون بالاضافة الى المعروض مساوية او اعم او اخص او مباينة والاول كعروض الضحك للانسان بواسطة التعجب المساوي له حيث لا يوجد في غيره من سائر الحيوان ... )
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[22 Sep 2006, 09:10 م]ـ
وجاء في تاج العروس على شرع القاموس؛ للمرتضى الزبيديّ:
(واستعمل للتعجب المجرد تارة، وهذا المعنى قصد من قال: إن الضحك مختص بالإنسان، وليس يوجد في غيره من الحيوان. وتضحك الرجل وتضاحك، فهو ضاحك وضحاك كشداد وضحوك كصبور ومضحاك كمحراب وضحكة كهمزة، زاد ابن عباد. وضحكة كحزقة، أي: كثير الضحك ..... )